تتميز تركيا بالفن المعماري الإسلامي المتجلي بوضوح في المساجد، والمباني، والقصور والقلاع التاريخية، وبلغ فن العمارة العثماني لمستويات متقدمة، فتميزت المباني بالمساحات الواسعة والمداخل المرتفعة، وبناء القباب، وزخرفة المباني بالزخارف الإسلامية مثل الفسيفساء والأقواس الملونة والرسم العثماني، وتحولت أغلب مدنها وخاصة أنقرة وقونيا إلى معالم سياحية إسلامية تستحق الزيارة والاستمتاع.
وحسب بيانات وزارة الثقافة والسياحة التركية انتعشت السياحة في تركيا خلال الفترة من يناير إلى أبريل نيسان 2024، إذ جذبت البلاد أكثر من 12.67 مليون سائح، ونظار للأهمية الاقتصادية للسياحة الإسلامية بتركيا اتخذت الحكومة عددا من الإجراءات بهدف تحسين الترتيب في مؤشر تنافسية السياحة بشكل عام والسياحة الدينية بشكل خاص، من خلال تحسين البنية التحتية، والترويج، وتدريب الموارد البشرية، وزيادة قدره الشركات السياحية على استقبال عدد أكبر من السياح.
فالسياحة الدينية بتركيا تلعب دورا مهما من خلال مساهمتها في النمو الاقتصادي وزيادة الإيرادات الحكومية حيث بلغت نسبة الناتج المحلي الإجمالي المباشر للسياحة الدينية 14 % من الناتج المحلي الإجمالي لتوفر 140 ألف فرصة عمل مباشرة.
وخلال عام 2023، استقبلت تركيا 56.7 مليون زائر دولي بزيادة قدرها 10% عن العام السابق وارتفع دخل السياحة في البلاد بنسبة 17% عن العام السابق، ليصل إلى 54.3 مليار دولار؛ حيث وصلت المصاريف اليومية للزوار إلى 99 دولارا لكل زائر، وارتفعت إيرادات قطاع السياحة في تركيا 5.4 % خلال الربع الأول من 2024، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لتسجل 8.78 مليار دولار.
وتهدف تركيا إلى جذب 60 مليون سائح وتحقيق 60 مليار دولار في إيرادات السياحة العام الجاري واستقبال 90 مليون سائح عام 2028، ورفع عائدات السياحة إلى 100 مليار دولار.
ويوجد في تركيا مجموعة استثنائية من المزارات التاريخية والمنتجات السياحية، والمدن المتنوعة، والأنشطة الرياضية، والفعاليات الدولية، والمهرجانات ووسائل النقل الحديث والفنادق والمنتجعات السياحية وتتميز تركيا بموقعها الجغرافي الفريد، محاطة بالبحار الزرقاء من ثلاث جهات، وثرائها التاريخي، وتبرز كوجهة سفر متعددة الاستخدام على مدار العام.
ويستضيف متحف الرومي الذي يضم ضريح المتصوف المشهور «مولانا جلال الدين الرومي»، ملايين السياح في كل عام خصوصا في ذكراه الـ 751، وقد أصبح المتحف ثالث أكثر المتاحف زيارةً في تركيا حيث يزوره ملايين البشر.
ويعتبر الموت في عقيدة الفيلسوف الصوفي مولانا جلال الدين الرومي، «ليلة زفاف» المؤمنين ولحظة لم شمل العبد بخالقه، وفي ذكراه توافد أتباع الصوفي المشهور عالميا والكثير من السياح إلى ولاية قونية بوسط تركيا حيث يقع قبره وتقام أيام من الأنشطة والفعاليات للاحتفال بإرثه.
و«شبّ العروس» تعني باللغة الفارسية «ليلة العرس»، ويشير الرومي من خلالها إلى الموت كجسر يوصل إلى الله، الذي يعده المحبوب الأسمى فبالنسبة له، الموت ليس نهاية، بل بداية للقاء الحبيب والانعتاق من القيود الدنيوية.
ويعد الرومي شخصية بارزة أثرت في العالم بأسره، كفيلسوف احتضن جميع الأديان والثقافات والشعوب، وتعتبر كتاباته ذروة الأدب الإسلامي وعاش الشاعر الصوفي معظم حياته في مدينة قونية بوسط الأناضول وهو معروف اليوم بقصيدته المكونة من ستة مجلدات، المثنوي، التي تعد حجر الزاوية في الأدب الإسلامي وتجمع معظم تعاليمه.
وعلى الرغم من تعدد إرثه، تبقى تعاليمه الإرث الأعظم، ومن أشهر نصائحه: في الكرم ومساعدة الآخرين، كن مثل النهر.. في الرحمة والعطف، كن مثل الشمس.. في إخفاء عيوب الآخرين، كن مثل الليل..في الغضب والانفعال، كن مثل الميت.. في التواضع، كن مثل الأرض.. في التسامح، كن مثل البحر.. إما أن تكن كما تبدو أو أن تبدو كما أنت.
ورغم مرور قرون على رحيله، لا يزال الملايين حول العالم يلبون دعوة المعلم الروحي جلال الدين الرومي، التي قال فيها: «أقبل.. أقبل.. لا يهم من تكون»، ويتوافدون سنويا لزيارة قبره في متحف مولانا الذي يحمل قيمة تاريخية، وثقافية.
وتستضيف قونية، آخر مقر للرومي، مراسم «شب عروس» سنويا لإحياء ذكرى وفاة الفيلسوف الصوفي. تشهد المراسم، التي تقام من 7 إلى 17 ديسمبر، ذكرى وفاة الرومي وشملت المراسم عروضا متنوعة، أشهرها أداء السما، وهو الطقس الشهير للدراويش الدوارة.
وتجذب هذه المراسم، التي تستمر لمدة 10 أيام، آلاف الزوار سنويا، حيث تخطط الوفود المحلية والأجنبية للوصول إلى قونية لحضور الفعاليات التي تشمل ندوات، وحفلات موسيقية، ومعارض، وورش علم.. ويستقبل المتحف كل سنة قرابة 3 ملايين زائر محلي و أجنبي.
وأعلن عن افتتاح البناء، الذي يضم رفاة الرومي، كمتحف للزوار، في 2 آذار 1927 وسمي بـ«متحف مولانا» وتكتسي القبة الرئيسية للبناء بالقرميد الأخضر، ومزخرفة بخزف فيروزي، ترتكز على أربع أعمدة، وفي عام 1854 تمت توسعته وإضافة مبان جديدة للمبنى القديم.
وتأتي «كارامان» موطن الحضارات وحاضنة التاريخ منذ عام 8000 قبل الميلاد حيث كانت مركزا عسكريا وتجاريا لإمبراطورية الحيثيين، وخضعت لاحقا لحكم الفريجيين والليديين وقبل ضمها إلى الدولة العثمانية، كانت عاصمة دولة القرمانيين وتقدم كارامان لمحات عن الحياة اليومية للمجتمعات القديمة بالإضافة إلى جمالها الطبيعي.
وتقع قلعة كارامان في وسط المدينة، ويعتقد أنها بنيت في أواخر القرن الحادي عشر وشهدت القلعة تجديدات خلال فترتي السلاجقة والقرمانيين، وأعاد العثمانيون ترميمها عام 1465 وتحتوي القلعة على آثار من العصر البرونزي، والروماني، والروماني الشرقي.
فيما تعد مدرسة هاتونية، التي بنيت عام 1382 بأمر من نفيسة خاتون، ابنة السلطان العثماني مراد الأول وزوجة علاء الدين علي بك، من أبرز المدارس الإسلامية في الأناضول.
وهناك متحف كارامان الذي يضم آثارا أثرية وإثنوغرافية من فترات الرومان، والرومان الشرقيين، والسلاجقة، والعثمانيين، والجمهورية التركية.
وهنك أيضا مسجد ماذ مولانا الذي بني عام 1370، ويحتوي على مقابر لعائلة الرومي، بما في ذلك قبر والدته.
وتعد قونية أكبر محافظة في تركيا من حيث المساحة، وكانت عاصمة للسلاجقة من القرن الثاني عشر إلى الثالث عشر، ما جعلها مركزا ثقافيا ودينيا كبيرا.
وتقع أنقرة العاصمة التركية في وسط الأناضول وتتميز بتاريخها العريق وبها قلعة أنقرة التي تعد من أهم الوجهات السياحية وتحتوي على منازل عثمانية تقليدية. وفي أنقرة هناك ضريح أتاتورك وهو الضريح المخصص لمؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك.
وتهدف تركيا إلى ضمان التزام جميع مرافق الإقامة بالممارسات العالمية للسياحة المستدامة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية