- أهم الأخباراخترنا لكنون والقلم

سامي أبو العز يكتب: سقطت الأنظمة وبقيت الكلمات

كلمات الوداع تبقى خالدة في الذاكرة بحلوها ومرها، وشاهداً على مدى صمود قائلها وثقته بربه ونفسه، أو دليلاً على ضعف موقفه وخوفه من العزل أو السجن أو الموت، وشكلت آخر كلمات الوداع لقادة الربيع العربي، لحظات فاصلة أثرت في مصير شعوب ودول بأكملها. 

قادة تلك المرحلة، سواء اختاروا التنحي، أو قُتلوا، أو هربوا، كانت لهم كلماتهم الأخيرة التي عبرت عن مشاعرهم، ومواقفهم، أو حتى محاولاتهم الأخيرة لتبرير موقفهم وتبرءة أنفسهم أمام شعوبهم والتاريخ. 

* زين العابدين بن علي: «فهمتكم الآن» 

كان الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، أول قادة الربيع العربي الذين أطاحت بهم الانتفاضات، والذي رحل إلى منفاه في السعودية وظلت كلمته الشهيرة في خطابه الأخير قبل مغادرته البلاد عالقة في أذهان الأشقاء في تونس «فهمتكم الآن». 

جاءت هذه الكلمات محاولةً منه لاستيعاب الغضب الشعبي، لكنها كانت متأخرة جداً، ورحل دون وداع مباشر لشعبه، وكانت نهايته بعيدة عن أرض الوطن. 

* حسني مبارك: «سيحكم التاريخ ببراءتي» 

في 11 فبراير 2011، أعلن حسني مبارك تنحيه عن السلطة بعد 30 عاماً من الحكم. وفي خطاب تنحيه، شدد على ولائه لمصر قائلاً: «سأموت على أرض مصر وسيحكم التاريخ ببراءتي». 

كلماته الأخيرة كانت محاولة لإبراز ذاته كزعيم أبى التخلي عن وطنه، حتى مع إجباره على مغادرة منصبه. 

* معمر القذافي: «من أنتم؟» 

كانت آخر كلمات القذافي الشهيرة خلال خطاباته التي تحدى فيها معارضيه هي: «من أنتم؟» تعبيراً عن استغرابه من حجم الغضب الشعبي. 

وفي لحظاته الأخيرة، عندما قبضت عليه قوات المعارضة في سرت، اكتفى بالقول: «حرام عليكم… هذا حرام».  

هكذا انتهت حياة أحد أكثر القادة العرب جدلاً. 

* علي عبد الله صالح: «السلطة ليست غاية» 

الرئيس اليمني الأسبق علي عبد الله صالح، وبعد مقاومة طويلة للضغوط الشعبية والإقليمية، قال في إحدى خطاباته الأخيرة: «السلطة ليست غاية، بل وسيلة لتحقيق أهداف الشعب».  

ورغم مغادرته السلطة سلمياً، عاد إلى المشهد السياسي لينتهي به المطاف مقتولاً في منزله في ديسمبر 2017. 

* بشار الأسد: «صمت مطبق وهروب من وداع» 

أما بشار الأسد، فكان الاستثناء بين قادة الربيع العربي في كل شيء، رغم انطلاق الثورة في سوريا عام 2011، فإنه لم يقدم خطاب وداع مؤثر أو حتى كلمات تعبر عن موقف واضح، بل استمر في التمسك بالسلطة بأي ثمن.  

وبعد 13 عاما من الديكتاتورية المطلقة، هرب الأسد مع عائلته من دمشق إلى روسيا في سرية تامة، تاركا البلاد  للجماعات المسلحة التي استولت على مقاليد الأمور، دون أن يوجه كلمة أخيرة لشعبه كما فعل الآخرون، أو حتى يبث كلمة مسجلة من مخبأه، لكنه فضل أن يختفي من غير كلمة وداع. 

تبقى كلمة.. هناك وداع لا يمكن أن نتجاهله رغم أن صاحبه لم يدفع روحه ثمنا للربيع العربي ولكنه دفعها ثمنا للصمود والنخوة العربية ومواجهة الأمريكان وحلفاءهم، إنه الرئيس صدام حسين 

* صدام حسين: القوة والإيمان حتى اللحظة الأخيرة 

الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، الذي أُعدم فجر يوم 30 ديسمبر 2006، اختتم حياته بكلمات تركت أثراً كبيراً في نفوس متابعيه ومناهضيه على حد سواء.  

أثناء وقوفه أمام المشنقة، حافظ صدام على رباطة جأشه ولم يظهر خوفاً، بل كان متماسكاً وألقى كلمات تحمل في طياتها مزيجاً من القوة والإيمان. 

آخر كلماته قبل تنفيذ الحكم كانت: «أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله». 

وقبل النطق بالشهادتين، قال للحاضرين الذين كان بعضهم يهتفون ضده: 

«يا هلا بالموت، يا هلا بالموت على طريق الحق»، مؤكداً تمسكه بموقفه وعدم خشيته من المصير الذي كان بانتظاره. 

وفي لحظاته الأخيرة، اختار صدام حسين أن يتلو سورة الإخلاص: 

«قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد»، لكنه لم يتمكن من إكمالها حيث أُسدل الستار على حياته قبل أن ينهيها. 

 صدام حسين رحل تاركاً وراءه إرثاً سياسياً متبايناً، وكلماته الأخيرة أصبحت رمزاً لدى مؤيديه وإشارة على صلابته حتى النهاية، في حين يراها معارضوه جزءاً من رواية مثيرة للجدل عن أحد أكثر القادة العرب تأثيراً وإثارة للنقاش في العصر الحديث. 

 باختصار.. الكلمات الأخيرة للقادة تحمل أحياناً ثقلهم التاريخي أكثر من أفعالهم.. بعضها كان مؤثراً، وبعضها أثار السخرية، لكن جميعها وثقت لحظات سقوط أنظمة كانت تظن أنها باقية للأبد. 

وبين من ودع شعبه بخطاب، ومن انتهت حياته قبل أن يتمكن من ذلك، يبقى التاريخ هو الشاهد الأكبر، وتبقى كلمات الوداع مشهد لاينسى في ذاكرة الشعوب. 

Samyalez@gmail.com  

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا 

 

         t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر  لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى