منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، طُرحت العديد من الأسئلة حول مواقف القوى الإقليمية والدولية من نظام بشار الأسد.
وبينما عُرفت مواقف معظم الفاعلين في الصراع السوري، بقي الموقف الإسرائيلي محاطًا بالغموض.
فهل تعمل إسرائيل بالتنسيق مع الغرب لإسقاط الأسد، أم أن حساباتها أكثر تعقيدًا؟
رغم العداء الظاهر بين إسرائيل وسوريا، خاصة بسبب دعم دمشق لفصائل المقاومة الفلسطينية وحزب الله، إلا أن الوضع على الأرض كان مختلفًا. فمنذ اتفاق فك الاشتباك عام 1974، التزم نظام الأسد بضمان استقرار الحدود مع إسرائيل في الجولان المحتل.
هذا الهدوء جعل إسرائيل ترى في النظام السوري عدوًا يمكن «التعايش معه»، مقارنةً بالمخاطر غير المحسوبة التي قد تنجم عن سقوطه.
مع بداية الثورة السورية، دعمت القوى الغربية المعارضة السورية، ورأت في إسقاط الأسد خطوة نحو إعادة تشكيل المنطقة.
ولكن مع تعقيد الصراع وصعود تنظيمات متطرفة مثل «داعش»، تحول التركيز الغربي من إسقاط النظام إلى محاربة الإرهاب، مما أعطى الأسد فرصة للبقاء، مدعومًا بروسيا وإيران.
ويهمنا الإشارة إلى موقف إسرائيل من الصراع، حيث لم تُظهر دعمًا مباشرًا لأي طرف في الصراع السوري، واتبعت استراتيجية تُركز على حماية مصالحها، وتمثلت مواقفها في:
* ضربات جوية مركزة: استهدفت خلالها مرارًا وتكرارًا مواقع إيرانية وأخرى تابعة لحزب الله في سوريا، لمنع تمركز قوات معادية على حدودها.
* حياد مشروط: امتنعت إسرائيل عن التدخل المباشر ضد الأسد، لكنها سعت لضمان إضعاف نظامه بما يحول دون تمكين إيران وحزب الله من تعزيز نفوذهم في سوريا.
* التنسيق مع الغرب وروسيا: إسرائيل عملت على التنسيق مع الطرفين للحفاظ على التوازن في سوريا، وضمان عدم انجرارها إلى صراع واسع النطاق.
ومع الأحداث الحالية التي تشهدها سوريا، خاصة بعد استيلاء الجماعات المسلحة على حلب، يبرز السؤال هل هناك اتفاق لإسقاط الأسد؟
رغم التقاء المصالح الغربية والإسرائيلية في بعض الملفات، فإن فكرة وجود اتفاق محدد لإسقاط الأسد تفتقر إلى الأدلة.
من منظور إسرائيلي، فإن إسقاط الأسد قد يؤدي إلى فوضى أمنية، وصعود جماعات معادية أكثر تطرفًا، وهو ما لا يخدم المصالح الإسرائيلية.
من منظور غربي، فإن الأولوية كانت لمحاربة الإرهاب وضمان الاستقرار الإقليمي، وليس الدخول في مواجهة مباشرة مع الأسد، خاصة بعد التدخل الروسي في 2015.
وتبقى الحسابات الإسرائيلية المعقدة، فإن تل أبيب تسعى لتحقيق التوازن في سوريا دون دعم صريح لأي طرف، فهي تريد إضعاف الوجود الإيراني وحزب الله في سوريا، لكن دون تقويض كامل للنظام.
كما ترغب إسرائيل في استمرار الفوضى الجزئية التي تُبقي سوريا ضعيفة وغير قادرة على تهديد أمنها.
باختصار.. لا يمكن الجزم بوجود اتفاق بين إسرائيل والغرب على إسقاط الأسد، فبينما تشترك الأطراف في بعض المصالح، فإن مواقفها ليست متطابقة.
يبدو أن إسرائيل تُفضل الإبقاء على الأسد ضعيفًا وغير مستقر، بدلاً من المغامرة بمستقبل مجهول مع قوى جديدة قد تكون أكثر عداءً لها.
يبقى مستقبل الأسد مرتبطًا بموازين القوى في المنطقة، وتوازنات اللاعبين الدوليين، أكثر مما يرتبط باتفاقات خفية بين إسرائيل والغرب.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية