مؤشرات القضية الفلسطينية تخرج من نفق مظلم لتدخل أخر حالك السواد، في خطوة قد تحمل تأثيرات كبيرة على مستقبل القضية، خاصة بعد إعلان قرار قطر المفاجئ انسحابها من المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، والتي كانت تُعقد تحت إشراف أطراف دولية.
هذا القرار يأتي في وقت تتصاعد فيه الضغوط الأمريكية على دول الشرق الأوسط، وهو ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كان لهذا القرار ارتباط مباشر بتغيرات في السياسة الإقليمية والدولية، خاصة مع فوز ترامب صاحب الدعم اللامحدود لإسرائيل.
بداية هناك عدة عوامل محتملة قد تكون وراء القرار القطري، أولها شعورها بعدم جدوى المفاوضات الراهنة، خاصة في ظل تعنت الجانب الإسرائيلي وعدم استعداده لتقديم تنازلات من شأنها إنعاش عملية السلام.
وثانياً، إدراك قطر أن موقفها ضمن الوساطة قد يستخدم كوسيلة لتحسين الصورة العامة للمفاوضات فقط، دون تحقيق تقدم فعلي لصالح الفلسطينيين.
وقد يكون الانسحاب القطري بمثابة رسالة احتجاج ضمنية تجاه الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على الأطراف العربية للتطبيع مع إسرائيل دون النظر لمطالب الشعب الفلسطيني.
كما أن التغيرات في الوضع الداخلي الأمريكي، مع صعود دونالد ترامب مجددًا كمرشح رئيسي للحزب الجمهوري، يمكن أن تدفع قطر للابتعاد عن طاولة المفاوضات كرسالة توضح أن قطر ترفض الرضوخ للضغوط الخارجية.
عندما وصل ترامب إلى السلطة في فترة ولايته الأولى، تبنت الولايات المتحدة نهجاً مؤيداً بقوة لإسرائيل، بلغ ذروته في الاعتراف بالقدس عاصمة لها ونقل السفارة الأمريكية إلى هناك.
ومع عودة ترامب إلى السلطة، تزداد المخاوف في العالم العربي من أن الضغوط على الدول العربية للانخراط في اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل ستزداد.
قطر، التي تسعى للحفاظ على استقلالية قرارها السياسي، قد رأت في هذه الأجواء علامة على أن المفاوضات ستصبح أكثر صعوبة في المستقبل القريب.
كما أن الدافع القطري قد يعكس رغبة في إعادة تقييم موقفها وتحالفاتها، خاصة في ظل تحول السياسات الأمريكية مع صعود قوى مؤيدة لإسرائيل بشكل صريح.
من المتوقع أن يزداد الضغط على الدول العربية لتقديم تنازلات جديدة في سبيل دعم «صفقة القرن» الجديدة أو أي خطط مماثلة.
ستكون إسرائيل أكبر المستفيدين من عودة ترامب إلى البيت الأبيض، نظراً لمواقفه المتحيزة بشكل علني تجاه السياسات الإسرائيلية، سواء من خلال الدعم الاقتصادي أو الدبلوماسي.
أما على الصعيد الفلسطيني، فإن هذه التغيرات تزيد من تعقيد الوضع، حيث يُخشى أن تتراجع فرص التوصل إلى حل عادل وشامل.
قد تجد القيادة الفلسطينية نفسها معزولة بشكل أكبر، خصوصاً إذا ما انسحبت بعض الدول الأخرى من دعمها للموقف الفلسطيني واتبعت سياسات تطبيع أو انخراط في صفقات أخرى مع إسرائيل.
باختصار.. يأتي القرار القطري كخطوة ضمن سياق إقليمي ودولي متغير. وقد يكون الانسحاب القطري من المفاوضات خطوة استراتيجية لمراجعة الموقف القطري وتحليل مسارات دعم جديدة للقضية الفلسطينية بعيدًا عن أي ضغوط دولية مسيَّسة.
من الواضح أن مستقبل القضية الفلسطينية بعد انسحاب قطر من مفاوضات غزة، أو تعليق جهودها إلى حين في الوساطة بين الطرفين لعدم جديتهما في المفاوضات، أصبح أكثر تعقيداً في ظل التوترات الدولية وتزايد نفوذ القوى المؤيدة لإسرائيل.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية