- أهم الأخباراخترنا لكنون والقلم

سامي أبو العز يكتب: الشرق الأوسط الجديد والهيمنة الإسرائيلية

يشهد الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة حالة غير مسبوقة من التوترات والصراعات التي تجعل المنطقة من أكثر مناطق العالم اضطراباً.  

 وتعود أسباب هذا التأزم إلى عوامل معقدة ومتداخلة تشمل الجغرافيا السياسية، والمصالح الاقتصادية، والتداخلات الدينية والطائفية، بالإضافة إلى تدخلات القوى الإقليمية والدولية.  

 ويبدو أن الشرق الأوسط المتأزم سيظل ساحة للمنافسة الدولية، وسط طموحات إسرائيلية تتجاوز الحدود التقليدية.  

 إن حماية الأمن العربي يحتاج إلى رؤية استراتيجية موحدة تحافظ على استقرار المنطقة وتضمن حقوق الشعوب العربية.  

 على مدار عقود، ظل الشرق المتأزم محطّ اهتمام القوى الدولية، وذلك بسبب موقعه الاستراتيجي وثرواته الطبيعية.   

 ومع توالي الأحداث السياسية والاقتصادية والأمنية، تغيرت الأوضاع بشكل مستمر، حتى ظهرت ملامح جديدة لتحالفات واصطفافات تهدد أمن واستقرار المنطقة.  

 إسرائيل هي كلمة السر، ويبقى التوسع الإسرائيلي والحلم الصهيوني هو الهاجس الذي يهدد كيان المنطقة بأكملها، فمنذ إنشاء دولة إسرائيل في 1948، لم تألوا جهدا لتحقيق «الحلم الصهيوني» الذي يقوم على توسيع رقعة السيطرة والنفوذ، اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا.   

 وقد شهدت الفترة الأخيرة تسارعًا في خطوات التطبيع مع بعض الدول العربية، حيث استطاعت إسرائيل أن تتحول إلى شريك استراتيجي في عدة ملفات، مثل الأمن والطاقة والتكنولوجيا.  

 ورغم أن بعض الدول بررت خطوات التطبيع بأنها تُحقق مصالحها الوطنية، إلا أن المخاوف تظل قائمة من أن يؤدي هذا التطبيع إلى منح إسرائيل مجالًا أوسع للتوسع، ليس فقط في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل أيضًا في توسيع نفوذها في المنطقة بأسرها.  

 ويتوقع المحللون أن يستمر ترامب بعد فوزه في الانتخابات الأمريكية، في تبني سياسات داعمة لإسرائيل بصورة كبيرة. حيث سبق وأن اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها، واعترف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان.  

 هذه الخطوات أعطت إسرائيل جرعة دعم كبيرة للمضي قُدمًا في خططها التوسعية. قد تكون المرحلة المقبلة محفوفة بمزيد من القرارات الداعمة لإسرائيل، وربما نرى استراتيجيات جديدة تهدف إلى تثبيت نفوذها السياسي والاقتصادي في المنطقة من خلال مبادرات اقتصادية كبرى تتعلق بالبنية التحتية والطاقة.  

 ولا يجب أن نتجاهل إعلان ترامب خلال حملته الانتخابية أن إسرائيل تحيا في رقعة صغيرة جدا في إشارة واضحة إلى دعمة لزيادة رقعتها على حساب دول الجوار  

 أمام هذه التحولات، تتزايد حاجة الدول العربية إلى التعامل بحذر واتخاذ خطوات استراتيجية لحماية مصالحها وأمنها القومي، والتي تتطلب العمل على العديد من المحاور العاجلة وأهمها:  

 * إعادة تفعيل العمل العربي المشترك، حيث يتعين عليها تعزيز التعاون فيما بينها من خلال تطوير منظومة عربية للأمن الجماعي، وتحقيق توافق استراتيجي تجاه القضايا الكبرى.  

 * بناء التحالفات الدولية بحكمة عبر بناء علاقات متوازنة مع القوى الدولية لضمان الدعم، وتجنب الاعتماد المفرط على قوة واحدة.  

 * التركيز على التنمية الاقتصادية والبشرية، حيث تُعدّ التنمية أحد أهم العوامل لمواجهة التحديات، خاصةً إذا استطاعت الدول العربية تحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء والطاقة، مما يخفف من اعتمادها على الأطراف الخارجية.  

 * دعم حقوق الفلسطينيين وحماية الهوية العربية للقدس، فيجب أن تظل القضية الفلسطينية على رأس أولويات العالم العربي، من خلال تعزيز الدعم السياسي والمالي، ودعم المنظمات الدولية التي تعمل على حفظ حقوق الفلسطينيين.  

 * التصدي للتطرف والطائفية من خلال القضاء على النزاعات الطائفية، والتصدي لكل أشكال التطرف التي تُضعف الجبهة الداخلية، وتمنح القوى الخارجية مبررًا للتدخل في شؤونها.  

 باختصار.. يتطلب الخروج من حالة التأزم الحالية في الشرق الأوسط رؤية شاملة وموحدة تضع مصالح الشعوب فوق كل اعتبار، والتعاون والعمل الجماعي بين دول المنطقة، بعيدًا عن التنافس والمصالح الفردية، يمكن أن يكون الخطوة الأولى نحو بناء شرق أوسط جديد يسوده السلام والاستقرار. 

Samyalez@gmail.com  

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا 

 

   t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر  لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى