رفضت سلطة الاحتلال في فلسطين الهدنة، والمؤشر على ذلك توسّع عمليات القصف وتكثيف أعمال التقتيل والهدم، وفي المقابل لا شيء يذكر عن الجانب الفلسطيني في قطاع غزة سوى تلقي الضربات ومشاهدة فصول الكارثة التي حلت بشعب يقاسي وحده دون أن يُستشر.
القضية الفلسطينية تضيع تحت تأثير التلاعب الأجنبي بالأيادي المرتعشة، وتبعا للمواقف المترددة، ونتيجة للتصريحات المتناقضة بين سلطتين متنافرتين، والغياب التام للسلطة الوطنية الفلسطينية، والانقسام الغريب لجبهة المقاومة إثر تباعد مواقف الفصائل المسلحة بعد استشهاد قائد حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وحيدا، بعيدا عن أبناء عناصر حركته.
كان الأجدى أن تميل سلطة الاحتلال إلى السلم بعدما اتضح لها ما أصاب المقاومة في غزة من ضعف عام، وفقدان قدرتها على مواصلة التهديد والوعيد، وبعدما اتضح أن تقلص مخزون ما لديها من السلاح قد أفقدها الكثير من المبادرة بالفعل، فأين المنطق مما يجرى؟
معطيات الوضع تشير بالبنان إلى ما يكون قد أسفر عنه اللقاء الأخير الذي جمع مسؤولي أجهزة مخابرات الكيان مع تلك الدولة التي لا تكن الخير للعرب بعاصمة خليجية ما زالت ترى أن لها حق الشفعة في غزة بعدما كانت تنفق على موظفي القطاع لسنوات طويلة مرتبات بعشرات الملايين من الدولارات، فحلم الإطلالة على مياه المتوسط الدافئة يستحق المعاناة لفترة أخرى تكون خلالها النتائج أقرب إلى التأكيد بسرعة تحقيق الحلم بزوال ما أمكن من كوابيس الإزعاج ومصادر التعكير، شمالا وجنوبا.
لذلك ليس مقبولا وجود اقتراحات «دخيلة» لوقف مؤقت لإطلاق النار، ولا هو مطلوب الحديث عن مفاوضات حول الهدنة في الوقت الراهن، لم تعد لدى الكيان آذان تسمع، أو نفوس مستعدة لتقبُل فكرة السلام، فالسلام الحقيقي لدى الكيان المحتل هو زوال الآخر، لضمان أمنه، ثم تغيير قيادة القطاع للطرف الذي يقدر حقيقة قيمة مياهه الدافئة حق تقديرها.
لم تعد تنقلات وزير الخارجية الأمريكي بلينكن المكوكية تثير انتباه أحد، هناك حالة فقدان أمل في إمكانية حدوث «معجزة» بالتوصل إلى السلام في غزة ولبنان، بل كان من الطبيعي ان لا نتوقع حدوث ذلك ما لم يتحقق للكيان توسيع الهوامش الحدودية الأمنية إلى نهر الليطاني في لبنان شمالا ومع قطاع غزة جنوبا، وليس مستبعدا أن يدير المحتل نظره بعد ذلك يمينا نحو بحيرة طبريا شرقا!
الموقف العربي يحتاج إلى الكثير من التضامن العملي والتشاور الجدي، وإلى المزيد من تدعيم مساعي تفعيل العمل العربي المشترك، فمستعظم الانهيار من مستصغر الخطر.
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية