أخيرا تحرك المجلس الأعلى للإعلام للتصدي لظاهرة شراء الهواء في القنوات الفضائية المصرية المرخصة وتبث على القمر المصري نايل سات.. القرارات التي اتخذها المجلس بقيادة الكاتب الصحفي كرم جبر هي خطوة في الطريق لضبط الأداء الإعلامي المرئي.. الذي تسبب في كوارث اساءات إلى مهنة الإعلام والصحافة بوجه عام ودفع ثمنها سمعة المهنة في السنوات الماضية.
القرارات الخاصة بإلغاء ترخيص قناة مخصصه في بيع الهواء لأي شخص يريد أن يكون إعلامي دون اعتبار لأي معايير مهنية أو قانونية أو أخلاقية مما أدي إلى ظهور أشباه الإعلاميين أعادتنا إلى زمن الصحافة القبرصية في بداية التسعينات من القرن الماضي ومحاولات تفتيت نقابة الصحفيين بإنشاء كيانات وهمية بدعم من أجهزة الدولة وقتها وكان هدفها التشكيك في مصداقية الصحف الحزبية التي كانت تسيطر على التوزيع الصحفي وقتها.
وظاهرة شراء الهواء حذرنا منها أكثر من مرة منذ سنوات وطالبنا المجلس بالتدخل وتم وضع ضوابط منها إلزام القناة بإنتاج برنامجين على نفقتها وهو الأمر الذي لم يتم تنفيذه وكان على المجلس متابعة تنفيذ هذه الضوابط حتى لا نصل للمرحلة التي وصلنا إليها الآن وجاء قرار المجلس رد فعل لمصيبة أو كارثة وقعت.
الإيمان بحرية إصدار الصحف وحرية تملك القنوات الفضائية والأرضية لا يتعارض مع وضع ضوابط أخلاقية ومهنية لمحاسبة من يخرج عنها وهذه الضوابط تطبق على الجميع من قبل هيئة مستقلة تماما بعيدة عن أي تدخلات هدفها حماية الجمهور المتلقي وهذه الهيئة يجب أن يكون لديها الإمكانيات في رصد ومتابعة أي خروج والتعامل بسرعة مع شكاوى الجمهور العادي وليس الشخصيات العامة والمسئولين فهي درع حماية للجميع.
وهو أيضا ما طالبنا به منذ سنوات طويلة خاصة وأن هناك مخالفات لا ينطبق عليها مواثيق الشرف والأكواد العديدة التي توجد في الأدراج ولا نصت عليها القوانين وهي مخالفات لا يعرفها ولا يرصدها إلا المهنيين وليس الموظفين الذين لم يتم تدريبهم أصلا على آليات الرصد الإعلامي ولا يوجد لديهم أي إمكانيات حتى لمباشرة مهمته وتحركهم يأتي كرد فعل سوشيال ميديا أو شكوى من شخصية نافذة في المجتمع.
قنوات بيع الهواء ومنها قنوات لها اسم قوي يجب أن تراجع نفسها في هذه القضية نعلم أن تكاليف الإنتاج مرتفعة جدا مع ارتفاع أسعار مدينة الإنتاج الإعلامي وفرض قيود عنيفة على التصوير في الشوارع ونعلم أن حجم الإعلانات انخفض إلى الربع بسبب الأزمات الاقتصادية المتتالية والوضع الحالي لاحتكار شركات محددة للإعلانات، لكن هذا لا يمنع أن تلتزم هذه القنوات بمعايير المهنية والأخلاق الإعلامية وحماية الجمهور من المعلومات الزائفة والشخصيات الوهمية التي تعطي لنفسها صفات ومناصب أعلى من قيمتها من أجل تسويق نفسها.
اعتقد أن المجلس الأعلى للإعلام بدأ العمل وعليه أن يستمر وأن يشمل ميزانية جميع القنوات الفضائية والأرضية خاصة ونحن مقبلون على انتخابات برلمانية وسوف يستغل المرشحون ووقتها ظاهرة بيع الهواء لطرح أنفسهم وكذلك الأحزاب السياسية التي تستغل إمكانيات الدولة في الترويج لنفسها من خلال قنوات الخدمة العامة.
الاختبار القادم أمام المجلس صعب وعليه أن يثبت أنه جهاز قوي وقادر على ضبط المشهد الإعلامي ومحاسبة من يخطى بسرعة حتى يرتدع الآخرون.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية