نون والقلم

مجدي حلمي يكتب: مصلحي الكيبورد.. أزمة مصر الجديدة 

هل أصبحنا مجتمعا تافها؟ مجتمعا يمسك في الهايفة ويتصدر؟ مجتمعا لا يشغل باله ووقته إلا باصطياد أخطاء الأخرين أو التقليل من إنجازات الغير وتحويل الفرحة إلى حزن وتعليق المشانق للناس.  

هل السوشيال ميديا جعلتنا نحقد على بعض.. وحولت كل من خلف الكيبورد إلى مصلح اجتماعي وعين نفسه رقيبا على الخلق.. وأنه خليفة الله في الأرض ..وأنه الكامل الذي لا يوجد لديه أخطاء وكان باب بيته من حديد. 

هذه الحالة من تشويه الأخرين ظهرت في أكثر من موقف في الأسبوعين الماضيين أبرزها طالبة كلية التربية الرياضية بأسيوط التي عبرت عن فرحتها بتخرجها أنها رقصت داخل الجامعة وفي حفل التخرج الذي يشهد في كل الجامعات والكليات مثل هذه الفرحة وأكثر، ورغم أنه رقص محترم والثاني الجدل حول فرح ابنة الإعلامية مفيدة شيحة والانتقادات أنهم رقصوا في محيط المسجد الذي جرى فيه كتب الكتاب. 

وغيرها من الحالات التي مجرد التعليق عليها نوع من التفاهة حتى وإن صدر من إعلاميين معروف تاريخهم في شبابهم للداني والقاصي من العاملين في هذا المجال.. فمن حق الفتاة أن تفرح وترقص وتغني داخل الجامعة وأمام زملائها طالما الملابس محترمة وليس من حق جامعة أسيوط أن تتبرأ منها بل كان يجب حمايتها من الذباب الإلكتروني الذي يدعي الفضيلة. 

ومن حق الإعلامية مفيدة شيحة أن تفرح بابنتها وكل عقود القران التي تتم في المساجد يكون في محيطها رقص من أهل العروسين و«دى جي» وموسيقى  ودعيت لعشرات الأفراح تمت في محيط المساجد ولم يتحرك أحد ولم يتحدث أحد وينتقد فمن حق الناس أن تفرح وأن تشعر بالسعادة. 

فهؤلاء الذين عينوا أنفسهم أوصياء على المجتمع عليهم أن يراجعوا أنفسهم وأن ينظروا إلى منازلهم وعائلاتهم أولا قبل الحكم على الأخرين.. وقبل أن يكتب أي كلمة ينتقد تصرف أي شخص مهما كان.. فحالة التنمر التي تعرضت لها خريجة التربية الرياضية بأسيوط والإعلامية مفيدة شيحة وقبلهما صديقة عروس الدقهلية وغيرها من الوقائع تخضع لقانون العقوبات وكل من كتب لا بد أن يحاسب.  

ولا بد في تعديل قانون الإجراءات الجنائية أن توضع مواد خاصة بالتنمر الإلكتروني وأن تضع قيودا على سيل البلاغات التي تقدم إلى النيابة العامة من محامين للأسف غاويين شهرة، وأن تقتصر هذه البلاغات على أصحاب المصلحة المباشرة كما حدث بعد واقعة المرحوم الدكتور نصر حامد أبو زيد وأن تقف فورا هذه الظاهرة أو أن يفرض سرية على البلاغ  ولا يعلن عنه إلا إذا رأت النيابة جدية في تقديم مؤيد بالمستندات والأدلة وأن يصدر البيان الإعلامي من مكتب النائب العام. 

وفي حالة إعلان مقدم البلاغ عن بلاغه يجب معاقبته فورا، وطالبت منذ سنوات من النائب العام بأن يعلن عن عدد البلاغات التي يتلقاها سنويا وكم بلاغا تم التحقيق فيه وكم بلاغا تم حفظه إداريا لعدم الجدية.. وماذا فعلت النيابة مع هواة تقديم البلاغات من محبي الشهرة الذين لاهم لهم إلا تقديم البلاغات . 

الدستور المصري واضح وصريح أن الدولة ممثلة في سلطاتها وأجهزتها المسؤولة عن إدارة المجتمع ومراقبة تصرفات أعضائه ومحاسبة المخطئ وليس المختفين خلف الهواتف والكيبورد أو هواة الشهرة، هذه القضية تحتاج وقفة تشريعية حتى لا يكون مستقبل وسمعة الناس مباحين لكل من «هب ودب» يتناولها بعلم أو بدون علم.. وحتى نعود مجتمعا متراحما متسامحا يهتم بالقضايا الكبرى  وما أكثرها الآن. 

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا 

 

      t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر  لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى