الأمن القومي العربي يمر هذه الأيام بمرحلة حساسة، مرحلة تخرج منها الدول العربية قوية أو تخرج مهزومة منكسرة ومقسمة.. فقد ظهرت بصورة كبيرة أطماع الغير في المنطقة خاصة الجيران.. وظهر تحالف دول مع تنظيمات إرهابية وسياسية لكسر شوكة الشعوب العربية.
فالتصعيد في الخليج وأقصد التصعيد الإيراني جاء متوازيا مع التصعيد التركي في البحر المتوسط وبوادر تحرش مع دول المتوسط ومنها مصر ويأتي هذا مع الحملة التي تقوم بها جماعة الإخوان في الولايات المتحدة لتوقف صدور القرار باعتبارها جماعة إرهابية وهى الحملة التي انطلقت مع التصعيد في المنطقة.
فكل هذه الخطوات ليست من قبيل الصدفة، بل هي مخطط مرتب وله مواعيد لتنفيذه بهدف إركاع الدول العربية التي تتصدى لأطماع هذه القوى التي تقوم بالتأكيد بالتنسيق سواء مباشرة أو غير مباشرة مع الكيان الصهيوني، لأنه هو المستفيد الوحيد من هذه الحالة.
فتركيا تريد عودة الدولة السنية، وإيران تريد أن تعيد الدولة الشيعية، والكيان الصهيوني يريد دولة يهودية، فالهدف واحد وكأنهم اتفقوا أن يحولوا المنطقة إلى دول دينية ويأتي هذا في الوقت الذي خفت اهتمام الغرب بموضوعات الديمقراطية وحقوق الإنسان التي ترفع شعارها.
ويأتي التصعيد مع الإعلان عن موعد ما أطلق عليه صفقة القرن وهى الصفقة التي طبختها الإدارة الأمريكية في سرية دون أن تعلن عن شركائها في الطبخة المسمومة والتي ستقدم لنا عقب عيد الفطر المبارك.
فالأحداث المتلاحقة تؤكد أن هناك شيئا يتم تنفيذه للمنطقة، فالتسريبات المتعمدة تهدف إلى تحويل الأنظار عن حقيقة ما يجرى على الأرض فقد نصحو من النوم على منطقة جديدة أو فرض علينا واقع جديد نقبله بدون مناقشة أو حتى احتجاج رسمي أو شعبي.
فإيران منذ انقلاب الخومينى ترفع شعارات ولا تنفذها وتفتعل كل يوم أزمة مع جيرانها وتريد أن تكون دولة كبرى على جثث الدول المجاورة وعندما تتمكن إيران لن تبقى دولة واحدة بعيدة عن أطماعها حتى لو كانت دولة حليفة لها.
ونفس الأمر ينطبق على تركيا الإخوانية فهي تقيم علاقات مميزة مع الكيان الصهيوني وحركة السفر والتجارة والتعاون في كل المجالات أكثر من ممتازة لكنها ترفع شعارات عكس هذه العلاقة لصرف النظر عن أطماعها المعروفة فرأس النظام التركي يريد أن يعيد الخلافة العثمانية ويريد أن يكون سلطان المسلمين السنة.
وقد يكون من الطبيعي أن تتنافر المصالح بين إيران وتركيا فكل طرف يريد السيطرة ويريد أن يكون هو الأكبر لكن العلاقات الممتازة بينهما تؤكد أن الطرفين تم التوافق بينهما على تقسيم الكعكة وهناك أطراف في الغرب تدعم هذا التقسيم.
فالدفاع الأوروبي على إيران وعلى الاتفاق النووي معها يؤكد أن أوروبا تبارك هذه العلاقات ونفس الأمر عند الديمقراطيين في الولايات المتحدة الذين هم خططوا لهذا التقارب وخططوا للفوضى التي مرت بها المنطقة وصعود الجماعات الدينية لسدة الحكم في عدد من الدول وفشل تجربتهم في مصر وليبيا واليمن والسودان.
كل هذا يشير إلى أمر ما سوف يحدث في المنطقة وهذا الأمر سوف يتأثر به الحلفاء قبل الأعداء، أمر سوف يفرض علينا تقبله ونحن صاغرون طالما لم نتحرك بقوة لإفساد ما يتم الآن على الأرض وأن يعي الجميع من المحيط إلى الخليج أن الخطر سوف يطال الجميع بلا استثناء.. فهل سننجح في التصدي له؟
مقالات ذات صلة:
-
مجدي حلمي يكتب: هل تعي إيران الدرس؟
-
مجدي حلمي يكتب: صفقة القرن.. من الشراكة إلى الإذعان
-
مجدي حلمي يكتب: المسمار الأخير في نعش الإرهاب