نون والقلم

محمود دشيشة يكتب: الأقصى يغير الشرق الأوسط

الشرق الأوسط له أهمية كبيرة في السياسة الدولية فهو مهد الحضارات الكبرى، التي سيطرت على العالم كله ومكمن الثروات البترولية ويحيط بإسرائيل من كل جانب. ولا يخفى على أحد أن الحفاظ على أمنها أحد أهم الأولويات الاستراتيجية الأمريكية. كما أن الشرق الأوسط ظل لفترة طويلة. وما زال المصدر الرئيسي للطاقة التي تعتمد عليها الحضارة الغربية بالكامل، فهي التي تدير محطات توليد الكهرباء وكل وسائل النقل والانتقالات والتدفئة و تتحرك بها الجيوش.

كانت تعتمد السياسة الأمريكية على وجود إيران كعدو قوي تخيف به كل دول الخليج حتى تظل تلك الدول بحاجة للحماية الأمريكية، ثم شجعت على قيام الحرب العراقية الإيرانية لثماني سنوات استنزفت فيها ثروات الخليج في حرب كانت نتائجها صفرًا في كل شيء عدا استنزاف الثروات الهائلة. التي تدفقت على الخليج بعد حرب السادس من أكتوبر، التي ارتفع سعر البترول فيها من ثلاثة دولارات إلى أكثر من أربعين دولار بعد قطع البترول العربي عن أمريكا وأوروبا، وهو ما لم يكن في حسبان كل من يعمل بالسياسة في هذا الوقت. ثم انتهت الحرب العراقية الإيرانية وسعت أمريكا للوقيعة بين العراق والكويت؛ بسبب ديون مقدارها مليار دولار أو ملياران وبسبب آبار البترول المشتركة في الحدود بين البلدين مما ترتب عليه غزو العراق للكويت واحتلالها، وبذلت السياسة الغربية وعلى رأسها أمريكا كل الجهود؛ لعدم حل الأزمة إلا بالحرب ضد العراق واحتلاله، وسقوط نظام صدام حسين بالكامل و أصبحت القوات الأمريكية هي المسيطر الفعلي على كل الثروات البترولية بنفسها وتكلف إعادة بناء الكويت أكثر من أربعمائة مليار دولار وضاع العراق وقد لا يعود أبدًا. فقد سيطرت إيران على مقاليد السلطة والجيش عن طريق الميلشيات الشيعية وفقد العراق أجزاء من أراضيه و أكثر من سبعين مليار متر سنويًا من المياه كانت تصله من منابع الفرات بتركيا استولى عليهم الأتراك عن طريق إقامة السدود الضخمة كما تفعل إثيوبيا حاليًا مع مصر.

ثم كان الدور على سوريا فقد اشتركت كل دول العالم تقريبًا في الحرب داخل سوريا؛ العرب والأكراد والسنة والشيعة ودول الخليج وتركيا وروسيا وأمريكا وفرنسا وإسرائيل وإيران و غيرهم. وتفتت سوريا في نهاية الأمر و لم تعد دولة واحدة كما كانت. ولم يعد أمام المفسدون في الأرض إلا مصر، التي كانت دائما نهاية كل المؤمرات على الإسلام و العروبة على يديها. ولعل ما يدور على أرض فلسطين المحتلة الآن يغير كثيرًا من النجاحات الأخيرة للعدو الإسرائيلي في اختراق الدول العربية مما ولد حالة من الهرولة للتطبيع مع الكيان الصهيوني وحالة من التواطؤ التي تعيشها العديد من الدول العربية التي تحلم بشهر العسل مع إسرائيل وتسارع الخطي في التحالفات الاقتصادية والمشروعات بمليارات الدولارات مع أعداء الأمة العربية والإسلامية ولو كان ذلك على حساب مصر أو فلسطين أو أي دولة. سواء كانت عربية أو إسلامية. كما كشفت مواقف الأنظمة أمام شعوبها. وبعثت الشعور الوطني من جديد، ووضعت حدًا لحالة الاستسلام التي كانت مسيطرة على الشعوب. ولعلها تكون بداية للعودة من جديد. فقد أصبحنا كغثاء السيل وتداعى الأكلة علينا كما أخبرنا بها رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم – منذ أكثر من ألف و أربعمائة عام.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى