سومية سعد تكتب: لا كرامة لنبي في وطنه
لا كرامة لنبي في وطنه، هي جملة بسيطة ولكنها تعني الكثير لدى البعض ممن أحس بمرارها. وتعني أن الشخص لا يلقى الاحترام والتقدير من قومه بل من الآخرين. أحسست بوطئتها حينما حضرت محاضرة للعالم العربي الكبير فاروق الباز والذي يشغل منصب أستاذ البحث العلمي ومدير مركز الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن ماساتشوستس .
الدكتور خلال المحاضرة الذي تحدث بها على العديد من المشاريع الناجحة. ولكنه تذكر حادث له في وطنه وهو بعد حصوله على الدكتوراة في تخصص الجيولوجيا الاقتصادية، عاد إلى مصر بمشروع قومي كبير، وكان طموحه هو تأسيس مدرسة مصرية في الجيولوجيا الاقتصادية. ولكن كانت صدمته كبيرة فلم ترفض الجامعة هذا المشروع، الذي كلفه الكثير جدا من الجهد والمال، وأسندت له الحكومة وظيفة مدرس في الكيمياء في معهد عالي في السويس بعيد تماما عن دراسته التي قضى فيها سنوات عديدة.
واستعرض الدكتور بكل الألم جميع أحداث الرواية والتي حاول كثيرا أن يصل إلى تغيير وظيفته بما يتلائم مع اختصاصه. لكن كل محاولاته باءت بالفشل، لكنه لم يقبل أن يقتل حلمه، وظل عاما كاملا بلا عمل وبلا راتب، وقد وصلت به الأمور إلى الاستدانة، لكنه تخطى المصاعب لكي يصل إلى هدفه.

الباز الذي أثري العالم بأكثر من 250 ورقة علمية للمجلات المهنية، وأشرف على العديد من طلاب الدراسات العليا، وحاضر في المؤسسات الأكاديمية ومراكز البحوث في جميع أنحاء العالم، وأسعد العالم بمعرفة الكثير عن رحلته من جيولوجية الأرض إلى جيولوجية القمر، واختياره ضمن فريق مشروع الرحلة الفضائية المشتركة أبوللو-سويوز في عام 1975، وشغله لمنصب سكرتير لجنة اختيار مواقع هبوط سفن برنامج أبوللو على سطح القمر.
وسعى للفرصة وتحلى بالإرادة والإصرار ليكون متميزا في مجال دراسته للجيولوجيا، حتى نجح في العمل في وكالة ناسا، والمساعدة في التخطيط للاستكشاف الجيولوجي للقمر، كاختيار مواقع الهبوط لبعثات أبوللو، و تدريب رواد الفضاء على اختيار عينات مناسبة من تربة القمر وإحضارها إلى الأرض للتحليل والدراسة.
ابن الشرقية لم يكن طريقه سهل نحو العالمية. لكن بقدر الصعاب كان الأمل والتحدي الذي جعله اليوم واحدا من أبرز علماء العالم. بل أصبح أبرز علماء الفلك وله اسمه في وكالة ناسا للمساعدة في التخطيط للاستكشاف الجيولوجي للقمر.
الدكتور الذي أصبح عضو في مجلس الثقات في مؤسسة الجمعية الجيولوجية الأمريكية في بولدر بكولورادو. وعضو في مجلس القادة في مؤسسة البحث والتطوير المدني للدول المستقلة عن الاتحاد السوفييتي السابق «سي آر دي إف جلوبال». وهو عضو أيضا في الأكاديمية الأمريكية الوطنية للهندسة في واشنطن. كان حلمه الأكبر أن يكون صاحب مدرسة جيولوجية في بلده. قتلها دكتور كان يريده بوظيفة مدرس في الكيمياء في معهد عالي في السويس. بعيد تماما عن دراسته التي قضى فيها سنوات عديدة. فكم من أساتذة في الجامعة حاولوا ونجحوا مع غيره في قتل إبداعهم. فلماذا لا نعيد هيكلة الجامعات لدينا وإبعاد ممن يقتلون أحلام العباقرة بنظرتهم وحلمهم الضيق .
والسؤال الذي يفرض نفسه لماذا لا يوجد عالم في أي جامعة. ولماذا فقط يظهر العالم عندما يذهب للخارج أين نحن من خريطة التقدم العلمي ولماذا لا نسمع عن إنجازات مميزة لهم؟