من المقرّر عرض مجموعة من الأعمال الفنية العراقية الحديثة التي كان جمعها مدير جمعية أصدقاء أمريكا في الشرق الأوسط، أورين باركر وزوجته ريتا، في مزاد تنظمه دار كريستيز للمزادات عبر الإنترنت بين 20 أكتوبر و3 نوفمبر، بالتزامن مع عرض المجموعة للمعاينة في مقرّ كريستيز في كينغ ستريت بلندن ابتداء من 23 أكتوبر. وكان آل باركر عاشوا مع أطفالهم الخمسة في بغداد بين العامين 1960 و1965، جمعوا خلالهما واحدة من أكثر المجموعات الفنية العربية الحديثة، التي تقتنيها عائلة أمريكية وتصل إلى سوق الفنون، تنوعًا وأهمية تاريخية. وتتألف المجموعة من 21 عملًا لفنانين كانوا ناشئين في ذلك الوقت، بينهم فائق حسن وضياء العزاوي ولورنا سليم، وتُعرض في المزاد بتقديرات تبدأ بسعر 3,000 دولار.
أخبار ذات صلة:
-
الموت يغيب الفنانة نادية العراقية إثر إصابتها بفيروس كورونا
-
في لايف مباشر.. الفنان العراقي علي يوسف يطلق فنانة كويتية بـ«الثلاثة»
-
الفنان العراقي مروان شهيد يطلق أول أغنية من ألبومه الجديد
-
فيديو.. إيقاف الفنانة العراقية إسراء العبيدي بسبب ألفاظها النابية
-
بعد نجاح حبك يدك بالراس.. الفنان العراقي محمد الفارس يطرح جديده ام جهالي
ويتذكر ديفيد باركر، أصغر أبناء الزوجين الخمسة، والذي ولد في بغداد، ممارسته وإخوته السباحة يوميًا في نادي العلوية الترفيهي، والعروض السينمائية الدورية التي تجري في الهواء الطلق في النادي، ورحلات التخييم في المواقع الأثرية في أنحاء البلاد في طيسفون وأور وبابل.
وكان أورين باركر (1923-2014) مديرًا لجمعية أصدقاء أمريكا في الشرق الأوسط، وهي منظمة غير ربحية تأسست في العام 1951 لتعزيز العلاقات الأمريكية العراقية. وأسست هذه الجمعية لحوار بين الثقافات أتاح فرصة مهمة للتفاعل مع المجتمع الفني، كان الزوجان باركر من أبرز الناشطين في هذا الحوار، حيث استخدما موقعهما ونفوذهما لدعم فنانين بارزين مثل جواد سليم وفائق حسن وضياء العزاوي، وفنانين آخرين من مجتمع الفنون في البصرة، بينهم موريس حداد وجبّار داود. وكانت معظم الأعمال الفنية المقرّر عرضها في المزاد قد أُنتجت واقتُنيت خلال ظروف شكّلت منعطفَ تحوّلٍ رئيسًا في البلاد، سواء على الصعيد الثقافي أو السياسي، ما جعل المجموعة الفنية نموذجًا يجسد تلك الفترة الزمنية الحرجة.
منشورات خاصة بالمعارض ودعوات لحضور فعاليات
ويكمُن جانب من أهمية مجموعة باركر في اشتمالها على كنز من الصور الأرشيفية والنصوص التفصيلية. كذلك تتضمّن المجموعة منشورات خاصة بالمعارض ودعوات لحضور فعاليات، وجميعها في حالة ممتازة، بجانب وثائق أصلية توضح تفاصيل زيارات إلى معارض وأحداث مهمة ونزهات عائلية ثقافية، تقدّم كلها لمحة عن الصورة المشرقة لمشاركة العائلة وتفاعلها داخل المجتمع العراقي. وتسرد المجموعة بشكل عامّ، قصة استكشاف العائلة، المكونة من سبعة أفراد، لهذه المنطقة.
عند وصوله إلى بغداد في العام 1960، كان أورين يشكّل نظرة فاحصة لمجتمع الفن الحديث في البلاد، وحرص على مصادقة شخصيات بارزة مثل جواد سليم وفائق حسن، وهما من أهم التربويين والفنانين في الحركة الفنية الحديثة التي عُنِيت بالأجيال التالية. ولعب الفنانان دورًا فعالًا في افتتاح معهد بغداد للفنون الجميلة، حيث عمل الرجلان في تعليم الفنون، وحيث وُلدت الحداثة العراقية. وقد روّج المعهد لفن يعتمد على أحدث التوجهات الأوروبية آنذاك، ولكنه ظل وفيًا للجذور التقليدية المحلية يرجع تاريخه إلى حضارة بلاد ما بين النهرين. (تعتبر لوحة بائع البطيخ التي رسمها سليم في العام 1953، وبيعت في مزاد لكريستيز في 2017، أنموذجًا على هذا التوليف الثقافي). وقد كان سليم صديقًا مقربًا لآل باركر، وعندما توفي، شارك أورين باركر في حمل نعشه، وذلك في العام 1961.
وقالت سوزي سيكورسكي المتخصصة في المزادات لدى كريستيز، إن مجموعة باركر تشكّل نافذة نادرة تُطلّ على مثل تلك المرحلة الزمنية الفارقة في تاريخ العراق، وذلك بعيني عائلة أمريكية كانت حريصة على دعم أولئك الفنانين في بداية مشوارهم المهني. وأضافت: تروي هذه الأعمال المعروضة بأسعار جذابة، قصّة المشهد الناشئ الذي رسمه فنانون عراقيون ورعاتُهم داخل تلك المجتمعات الفنية، ومن بينهم آل باركر، وأهمية الدعم المقدم لهم من الأحداث والمعارض التي نظمتها لهم جمعية أصدقاء أمريكا في الشرق الأوسط.
أبرز ما يشتمل عليه المزاد:
تأتي هذه اللوحة ضمن مجموعة متسلسلة بارزة من اللوحات التي رسمها الفنان كاظم حيدر بعنوان «ملحمة الشهيد». وتصور لحظة مهمة في السياق السياسي والثقافي التاريخي للانقلاب الذي حصل في العام 1963. وتتطابق كل لوحة من السلسلة مع بيت من أبيات قصيدة نظَمها حيدر في العام 1965. وقد عرضت المجموعة في معرض تاريخي أقيم في المتحف الوطني للفن الحديث في بغداد. ورسمت اللوحة في العام 1963. ويتراوح سعرها التقديري بين 40,000 و60,000 جنيه إسترليني.
أما الفنان فائق حسن، فأبدع لوحة «مجموعة العائلة» في العام 1964 بالألوان الزيتية على القماش، وهي مجموعة تسدّ الفجوة بين التراث العراقي والفن التقليدي والفن الحديث. وتعرض في المزاد المرتقب بسعر تقديري يتراوح بين 25,000 و35,000 جنيه إسترليني. وكانت هذه اللوحة عُرضت في العام 1965 في معرض أقامته جمعية أصدقاء أمريكا في الشرق الأوسط. وتمثل عملًا مهمًا يتسم بالضربات الانطباعية للفرشاة السميكة والملونة. ويُعرف حسن في العراق بكونه معلمًا للفنون. وهو مؤسس قسم الرسم في معهد الفنون الجميلة ومعروف بتصويره للحياة اليومية في أعماله.
لوحة للفنان ضياء العزاوي
كذلك تعرض في المزاد لوحة للفنان ضياء العزاوي الذي تخرج العام 1962 في معهد الفنون الجميلة في بغداد. ويحمل العزاوي، وهو تلميذ فائق حسن، درجة علمية في علم الآثار من جامعة بغداد. وقد جمعت أعماله الفنية أيقونات فولكلورية ودينية وثقافية شعبية وأبرزتها في الرسم الحديث. ورسمت اللوحة المعنونة بـ«رجل وامرأة» بالألوان الزيتية على القماش. ويتراوح سعرها التقديري بين 40,000 و60,000 جنيه إسترليني. وكانت عرضت في أول معرض شخصي أقامه الفنان في معرض الواسطي الفني الشهير في بغداد.
ويضمّ المزاد كذلك عملين للفنانة لورنا سليم التي توفيت مؤخرًا، وكانت زوجة الفنان العراقي الشهير جواد سليم. وعضوًا في مجموعة بغداد للفنون الحديثة التي تأسست في العام 1951. ودرست لورنا. وهي من شيفيلد في بريطانيا، في كلية سليد للفنون الجميلة بلندن، وهناك التقت بسليم الذي كان زميلها في الكلية. ورسمت الفنانة عملَيْها الفنيَّين: منازل قديمة في الكرخ وميدان الشورجة بالألوان الزيتية على الألواح في العام 1965. وهما يمثلان مجموعة مهمة من الأعمال التي ركزت على المناظر الطبيعية والهندسة المعمارية للأحياء والمنازل البغدادية. التي تعود للقرن التاسع عشر. ويعرض العملان في المزاد بسعر تقديري جذاب يتراوح بين 3,000 و4,000 جنيه إسترليني لكل منهما.
لوحة لمنازل قديمة في الكرخ للورنا سليم
لوحة لميدان الشورجة للورنا سليم
هذا، ومن المقرّر أن تعرض جميع الأعمال الفنية في المزاد في مقرّ كريستيز بلندن بين 22 أكتوبر و3 نوفمبر. مصحوبة بحلقة نقاشية تقام يوم 27 أكتوبر. وتشارك فيها الدكتورة ندى شبوط والدكتور أحمد ناجي وديفيد باركر، وتديرها الخبيرة المتخصصة لدى كريستيز سوزي سيكورسكي.
نون – دبي
