نون والقلم

القنبلة النووية أفضل سلاح للسلم في العالم

بغض النظر عمن خضع وأستسلم , أو أنتصر وسيطر , فقد أثبتت الوقائع بأن إمتلاك القنبلة النووية كانت سببا لإيقاف صراعات بين بلدان شهد تأريخها مواجهات وحروب على مدى عقود عدة.
فالنزعات العدوانية لدى البشر لم ولن تتوقف مهما وصل الإنسان لمراحل متقدمة من التمدن والتحضر , وتكفي أسبابٌ تسوقها حكومات ما , لترى بعدها الالاف وهم يحتشدون تلبية للنداء لغرض حمل السلاح والمشاركة في عمليات قتل وزهق للأرواح , ولا نستغرب أن وجدنا ضمن هذه الجموع أنصار للبيئة وأعضاء في جمعيات إنسانية , فعلى أصوت قرع الطبول تتراقص لأنغامها أنامل البشر التواقة للضغط على زناد البنادق ليشعروا معها بنشوة أوهام أكتمال الرجولة .
ولربما يرى البعض في هذه الرؤية بأنها دعوة دموية متطرفه ,  ولكنها بالتاكيد لن تكون أكثر تطرفا من افكار توماس مالتس خبير الاقتصاد البريطاني والذي بنى عليها تشارلز داروين نظريته التي لاقت رواجا وقبولا ضمن اوساط المفكرين والارستقراطيين الاوربيين , تلك النظرية التي رأت أن العامل المؤثر والرئيس الذي أبقى السكان تحت السيطرة هو الحروب , فبات مبدأ البقاء للأقوى هو السائد والذي يبيح قتل الضعفاء كي يعيش الاخرون , ومن هنا وجد ما معناه ‘ الحرب الدائمة ‘ .
وعليه بات من حق شعوب حكم عليها بالإعدام الجماعي لمجرد إنها ضعيفة , أن تمتلك الوسيلة التي تفرض بها أمر واقع جديد يتيح لها أن تعيش دون أن ينظر لها بأنها مخلوقات طفيلية تتسبب في إنهيار منضومة التوازن البيئي والطبيعي .
فكانت القنبلة النووية أفضل ما يمكن التلويح به للصد والمنع , وباكستان والهند مثالاً , فنحو ثلاثة حروب رئيسية نشبت بين هذين الدولتين منذ إنقسام القارة الهندية , إستمرت منذ عام 1947 وحتى عام 1971 , وذهب ضحيتها الالاف من ابناء البلدين , ولم تتوقف المعارك ويجلس الطرفان على طاولة التفاوض إلا بعد أن امتلك كلاهما القنبلة النووية .
أما الكوريتان الشمالية والجنوبية , فبالرغم من التوتر القائم وحالة الحرب الغير معلنة , فلم يجري بينهما تصادم مسلح يوازي ما جرى عام 1952 حينما قتل وأصيب وهجر ما يقارب الثلاثة ملايين حينها .
ومجرد أمتلاك كوريا الشمالية للقنبلة النووية , وأنباء غير مؤكدة حول أمتلاك الجنوبية لها , كان كفيلا ليؤجل الطرفان المواجهة العسكرية لأجلٍ غير مسمى .
وفيما يخص الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا , فهو خير ما يستدل عليه حول كون الترسانة النووية أوقفت جماح هذين المحورين في التقاتل بشكل مباشر وأبعدت شبح نهاية قارتين لربما كنا سنقرأ عن وجودهما في كتب التأريخ فقط .
الدول العضمى التي تتحكم شركات ومصانع السلاح التقليدي بتغيير بوصلات توجهاتها بين حينٍ وأخر وبما يضمن فتح أسواق لتصريف بضاعتها , دفعت لتأسيس النادي النووي ووضع أجندة بغطاء أممي تتكفل بمتابعة الدول التي تروم لإمتلاك النووي , ولا يعد هذا التوجه إنطلاقا من الحرص على سلامة الأمن الدولي بقدر تيقن هؤلاء بأن رأس حرب نووي واحد سيكون كفيلا لإلغاء صفقات تجهيز أسلحة ومعدات بعشرات الميليارات .
هناك العديد من الأمثلة التي يمكن التطرق لها , ولكن لا حاجة للأطالة لغرض إثبات صحة وجهة نظر يكفي أن نعلم بأن كل 60 ثانية يقتل فيها شخص وتهجر عائلة بسبب الحروب وفقا لإحصائية أصدرتها الأونروا .
وفيما كنت اتصفح ما كتب حول السلاح النووي , لفت إنتباهي وجود ما قيل إنها فتواى دينية تحرم إقتناء هذا السلاح , وعندما تفحصت الأسباب والدوافع , تبين بأن رجال الدين الذين تبنوا هذا الموقف كان عن قناعة بأن القنبلة النووية ستؤدي لمقتل المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ , فضلا عن دمار هائل سيصيب البيئة , موقف أثار إستغرابي وإندهاشي من هؤلاء الذين ما زالوا يصرون بالتقوقع في بروجهم العاجية , وكان الأجدر بهم أن يقرؤا ويطلعوا ويعلموا بأن من قتل وجرح خلال قرن مضى من الزمان وبالأسلحة التقليدية التي لا يجد فيها هؤلاء حرجا من إستخدامها , بلغ عددهم بنحو 120 مليون نسمة .
وما أشبههم بمن أعتلى المنبر وأعرب عن إدانته لأستخدام السكاكين من قبل فلسطينين غاضبين لحرمة المسجد الأقصى بعد أن فقدوا كل شيء ولم يبقى بين يديهم سوى أدوات المطبخ ليذودوا بها عن أرضهم ومقدساتهم .
وبين من يحرم الأسلحة النووية وبين من يشجب ويستنكر إستخدام السكاكين , ستبقى الشعوب المضطهدة تقتل ولا بواكي لها .

.

 

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى