أعلنت وزارة الدفاع العراقية أمس الخميس 25 / 2 /2016 مصادقتها على مسودة مشروع قانون الخدمة الإلزامية تمهيداً لإقرارها في مجلسي الوزراء والنواب، فيما أرجعت أسباب التصويت على المسودة إلى الظروف السياسية والعسكرية التي يمر بها العراق وبينت الوزارة إن التصويت على هذا القانون يأتي ” انسجاماً مع متطلبات المرحلة والظروف السياسية والعسكرية التي تمر بها البلاد ” !! وهنا لنا وقفة بسيطة :
إن المصادقة على هذا القرار ليس لمصلحة الشعب أو البلد وإنما كما قالوها ” متطلبات المرحلة ” ففي السابق وفي مرحلة الإحتلال الأمريكي للعراق كانت مقتضيات ومتطلبات المرحلة تقتضي بحل الجيش العراقي خدمة للإحتلال وتمهيداً لمشروع توسعي في العراق والذي كانت من نتائجه هو تشكيل مليشيات بفتوى من السيستاني جعلت كعب إيران يعلو في العراق بحيث أصبحت تتدخل حتى في القرار الحكومي, لذا تطلبت المصلحة الأمريكية بعد كل تلك الفترة إعادة الجيش العراقي والخدمة الإلزامية لأن مصلحة أمريكا الآن تتطلب عدم وجود مليشيات موالية لإيران, وهذا سيكون بدمج بعض من تلك المليشيات بعد احتواءها والتغرير بها من خلال المناصب وهذا ما افرح قادة تلك المليشيات حتى إنها أخذت تميز نفسها عن بقية المليشيات وطالبت رسميا بدمج عناصرها بالجيش العراقي.
وما يجعل الأمريكان يقبلون بذلك لأنهم يعرفون جيداً إن كل المليشيات الموجودة في العراق صعب جدا القضاء عليها أو التخلص منها إلا من خلال مبدأ ” فرق تسد ” وقد وجدوا ضالتهم في تلك المليشيا التي تريد أن تنضوي في الجيش, والتي من المحتمل جداً القضاء عليها وإنهاكها من خلال زجها بمعارك طاحنة مع المليشيات الأخرى وذلك بعد أن يتم دمجها بالجيش, كما إن تأسيس جيش جديد سوف ينفي العلة والسبب والحجة والعذر من تواجد المليشيات الإيرانية والعاملة في العراق وهذا يعني إن بعد مصادقة البرلمان العراقي على هذا القرار ” الخدمة الإلزامية ” سيصدر قراراً رئاسياً بحل مليشيا الحشد وإن كل مليشيا مسلحة لا تلتزم بهذا القرار سيتم اعتبارها مليشيا إرهابية وستكون هدفاً عسكرياً لقوات الجيش والشرطة وقوات الإحتلال الأمريكي.
ومعنى ذلك إن قرار الخدمة الإلزامية هو مقدمة لحل مليشيا الحشد التي تشكلت بفتوى السيستاني الذي تنصل من مسؤوليته تجاه هذه المليشيا من خلال اعتزاله السياسة, فمن غير الممكن له أن يصدر فتوى صريحة لحل مليشيا الحشد لان ذلك سوف يسقط صورته في الشارع الذي وقع في مصيدة وخدعة الفتوى, لذلك وبحسب توجيه – جهات عليا- غربية قرر الإنسحاب والعزلة من إبداء الرأي السياسي, ولن يبدي أي اعتراض أو ردة فعل حول حل تلك المليشيا بحجة انه لا دخل له بالسياسة وهذا أمر موكول بالحكومة العراقية.
ظناً منه إن بتنصله هذا سينأى بعيدا عن مسؤولية الجرائم والمجازر التي ارتكبتها تلك المليشيات بحق العراقيين والتي تشابهت كثيراً مع جرائم تنظيم داعش الإرهابي بل فاقته إجراماً, وهنا تجدر الإشارة إلى ما قاله المرجع العراقي الصرخي في استفتاء ” السيستاني مؤسِّسُ الحَشْدِ وزعيمُه والمسؤولُ عن كلِّ أفعالِه ” حيث قال …
{{… الحديث عن الحشد وما يصدر عنه لابد أن يستندَ ويتأصّلَ من كون الحشد جزءًا من المؤسسة العسكرية وتحت سلطة رئيس الحكومة وقائد قواتها المسلحة ، وقد تشكّل الحشد بأمر وفتوى المرجع السيستاني ، فلا يمكن الفصل بين الحشد والسلطة الحاكمة والمرجع وفتواه ، فمن عنده كلام عن الحشد وأفعاله من ذم أو نَقْدٍ أو اتّهامات بتطهيرٍ عِرْقِيٍّ طائفِيٍّ وتهديمِ مساجد وتهجيرِ عوائل وأعمال قتل وسلب ونهب وغيرها من دعاوى واتهامات فَعَلَيْه أن يوجّه كلامَه وسؤالَه ومساءلتَه لشخص السيستاني مؤسّسِ الحَشْد وزعيمِه الروحي وقائِدِه وصمّامِ أمانِهِ . }}.
وعوداً على ما استعرضته في هذه السطور نقول وبشكل ملخص إن قرار إعادة الخدمة الإلزامية هو عبارة عن مقدمة وتمهيد لقرار حل مليشيا الحشد والقضاء عليها بالطريقة التي أوضحناها, وهذا ما تؤكده العبارة الواردة في بيان وزارة الدفاع العراقية ” انسجاماً مع متطلبات المرحلة والظروف السياسية والعسكرية التي تمر بها البلاد ” أي إن بعد انتفاء هذه “متطلبات المرحلة التي تلي هذه المرحلة ” لا نستبعد أن يصدر قرار أخر بحل الجيش العراقي وإلغاء الخدمة الإلزامية, وكأن المنظومة العسكرية العراقية أصبحت – وهذا واضح جداً – أداة بيد قوى الإحتلال الغربي والشرقي تتلاعب بها كيف ومتى شاءت .