نون والقلم

المشهد الفلسطيني يزداد تعقيداً

انضم المعلمون الفلسطينيون إلى الهموم اليومية الفلسطينية بإعلانهم الإضراب عن العمل مطالبين بحقوقهم التي لم تضف إلى قسائم رواتبهم، وقيل إن بعض المعلمين يحاولون تسييس المطالب وإحداث انقلاب نقابي لصالح حركة حماس، وجرت عمليات اعتقال من جانب الأمن لعدد من المدرسين سواء من فتح أو حماس على السواء. وكانت حكومة الدكتور رامي الحمد الله نجحت في وقف أنشطة نقابة موظفي السلطة التي قادت إضراباً طويلاً ضد حكومة حماس ثم قادت إضرابات ضد حكومة سلام فياض بعد أن ساءت العلاقة بين الرئاسة وفياض، لكن في مرحلة الحكومة الحالية تم إخراج النقابة عن القانون وجمدت أنشطتها، إلا أن اتحاد المعلمين ما زال نشطاً وهو ما تجسد في إضرابه.
وفي خضم المتاعب الفلسطينية المتراكمة تبدو أزمة المعلمين هي الأقل سوءاً حتى الآن حيث إن الأفق السياسي ما زال مسدوداً سواء من ناحية المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي حول القضية الفلسطينية والتي رفضها رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو وتحاول الإدارة الأمريكية عرقلتها أيضاً، وقد التقى الوزير الأمريكي جون كيري بالرئيس الفلسطيني ربما لثنيه عن المضي قدماً في موضوع المؤتمر الدولي أو طرح فرنسا لمشروع حول الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة. فالهامش الدولي يبدو ضيقاً أمام أي جهد فلسطيني لإنعاش القضية الفلسطينية دولياً نظراً لتعقيدات الوضع السوري الذي انغمست فيه الدول الكبرى والدول الإقليمية المؤثرة.
وعلى صعيد آخر وهو المصالحة الفلسطينية بين حماس وفتح يبدو المشهد غير مختلف عن جولات سابقة رغم السرية التي تحيط بالحوار بين الطرفين، فما تم التفاهم بشأنه ما زال قاصراً عن إقناع أغلبية فتح بصدق نوايا حماس لأنها تريد جني مكاسب من دون دفع أي ثمن، تريد مثلاً إعادة فتح معبر رفح من دون تسليمه بالكامل للسلطة وهو شرط مصري لفتح المعبر لكن حماس تريد أن يستمر موظفوها في تشغيل المعبر مع وجود حرس رئاسي، ولم تتطرق حماس إلى السلاح الواحد أو إلى حكومة الوحدة وبماذا ستلتزم سياسياً وتريد تنفيذ كل بنود المصالحة معاً وتأخير الانتخابات لمدة ستة أشهر خاصة أنها تطمح إلى انعقاد المجلس التشريعي بعد أسابيع من تشكيل الحكومة المنتظرة ما يعني إعادة تأهيل المجلس الذي تسيطر عليه وبوسعه مثلا تأجيل الانتخابات أو إقالة الحكومة أو سحب الثقة من الرئيس.. كما تريد إلحاق 54 ألف موظف من موظفيها إلى الحكومة بينما كانت تتحدث في السابق عن 16 ألفاً فقط، ولا يعرف بعد من سيدفع فاتورة الرواتب حتى الآن التي ستزيد على 200 ألف موظف. وبالطبع فإن حساب قيادة حماس في الدوحة يختلف عن حساب قيادتها في غزة التي يبدو أن أغلب قيادييها متمسكون بالانقسام لأنهم اعتادوا على مزاياه السلطوية والمالية وليس سهلاً أن يتخلوا عنها بسهولة، كما أن مسألة المعبر ولو وافقت فتح على صيغة حماس لفتحه فإن الرأي الأخير لمصر لأنها الطرف المعني، فالتوافق بين الفصائل الفلسطينية بشأن المعبر لا يعني أنه اتفاق ملزم لمصر. وبالتالي هناك حاجة لمصالحة بين مصر وحماس أولاً إذا جرى التوافق على حكومة فصائلية أو فتح المعبر.
تبقى الانتفاضة الجارية التي تحولت إلى روتين يومي من دون ضجيج كالذي كان، واعتاد «الإسرائيليون» والفلسطينيون عليها باعتبارها انتفاضة شباب غير موجهة من أي فصيل ولا إمدادات لوجستية لها ولا أسرار لمنفذيها غير المرتبطين بخلايا بل هي مبادرات فردية آنية تنم عن بروز جيل أكثر جرأة من سابقيه وقد يؤطر نفسه مع مرور الوقت ذاتياً مستفيداً من سقطات الفصائل على مدى العقود السابقة. فحتى الآن سقط أكثر من 170 شهيداً فلسطينياً وقتل 31 «إسرائيلياً»، ومع أن السلطة كانت أعلنت أنها بصدد تنفيذ توصيات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني والطلب من نتنياهو تحديد موقفه من الدولة الفلسطينية والانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران 1967 إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن، لأن وقف التنسيق عملياً يعني شل السلطة الفلسطينية، لأن التنسيق الأمني هو أحد أساليب التنسيق في كل المجالات الحياتية الفلسطينية الخاضعة للاحتلال في كل جوانبه.
وقد التقى وفد أمني فلسطيني مع «الإسرائيليين» مؤخراً وقيل إنه ذهب ليسلم رسالة عن وقف التنسيق الأمني فسخر وزير «إسرائيلي» من ذلك بقوله إن السلطة ستذوب إذا تم وقف التنسيق، وفي الواقع فإن الوفد لم يبحث وقف التنسيق بل الاستمرار فيه حيث لا بدائل فلسطينية حالياً بسبب عدم وجود استعداد سياسي «إسرائيلي» للحديث عن أية تسوية وعدم وجود اهتمام دولي. وقد نفى الرئيس الفلسطيني أنه هدد بحل السلطة بل قال إنه كان يقول دائماً إذا سدت السبل أمام قيام دولة فلسطينية فإنه سيسلم مفتاح السلطة إلى نتنياهو ليتولى تحمل أعباء شعب تحت الاحتلال. فالمشهد الفلسطيني يقف في طابور الانتظار حتى ينقشع غبار الأزمة السورية التي تحولت إلى بارومتر يقيس مدى سخونة الوضع الدولي من عدمه.

أخبار ذات صلة

Check Also
Close
Back to top button