نون والقلم

إيران إمبراطورية الموت

تعد إيران من الدول ذات التعددية القومية، ويعتبر الفرس والأذريون والجيلاك والأكراد والعرب والبلوش والتركمان من أهم هذه القوميات في إيران, وبنظرة بسيطة على خريطة إيران نجد أن هذه القوميات لها امتداداتها في الخارج، فالعرب يمتدون إلى العراق ودول الخليج في الجنوب، والبلوش لهم امتدادهم في إقليم بلوشستان في باكستان وأفغانستان، أما التركمان فيجاورون تركمانستان، والأذريون يقطنون جنوب جمهورية أذربيجان، والأكراد جزء من الحلم الكردي الكبير في تركيا وكردستان العراق.

لقد دأبت الحكومات الإيرانية خلال الثمانين عاماً الأخيرة التي استلم فيها الفرس البهلويون دفة الحكم من الأتراك القاجاريين، على ترسيخ الهوية الإيرانية الفارسية من خلال إجبار هذه القوميات على تعلم اللغة الفارسية ودراسة التاريخ والثقافة الفارسية خصوصاً في فترة ما بعد الإنقلاب على حكم الشاه عام 1979م, غير أن هذا التوجه أدى إلى إيجاد الكثير من عدم الثقة لدى القوميات الأخرى وصل إلى حد المواجهات الدموية في فترات مختلفة من تاريخ إيران المعاصر.

لقد حاول الأكراد إقامة جمهوريتهم عام 1946 باسم جمهورية مهاباد غربي إيران غير أنها سقطت بعد 11 شهراً وتم إعدام قادتها وبقيت المعارضة الكردية اليسارية فعالة ضد طهران في حقبتي الشاه وثورة خميني إلا أن معظم بقية قادتها تمت تصفيتهم من قبل المخابرات الإيرانية في الغرب, وشهد نفس العام تحركات من القوميين الأذريين لإيجاد جمهورية مستقلة للأذريين شمالي إيران غير أنها فشلت وبسطت حكومة الشاه سيطرتها بالكامل على تلك المناطق.

وعبر مراجعة التعامل الرسمي لطهران مع ملفاتها القومية نجد أنها آثرت التعامل بجدية مع أي نزعات قومية متطرفة وتحجيم التطلعات القومية عبر مطاردة وتضييق الخناق على التيارات التي تتحرك وسط تلك القوميات بأطروحات تعتبر عدائية من وجهة نظر حكومة طهران المركزية, ويتم التضييق والمطاردة تحت مسميات كثيرة مثل مكافحة التيارات الشيوعية والوهابية والعمالة للمخابرات الأجنبية ومكافحة التهريب والمخدرات, ويضاف لهذا التعامل المتشدد تعاني هذه الأقليات التي تقطن الحدود – خصوصا الأكراد والبلوش والعرب – من الفروق الواضحة من حيث مستوى المعيشة والتعليم وفرص التعليم والعمل والرعاية الصحية والاجتماعية إضافة إلى شعورهم بأنهم مواطنون من درجة ثانية أو ثالثة أحياناً.

فحكومة طهران تتعامل مع شعوبها بكل دكتاتورية ودموية, فهذا الشباب العربي الأحوازي يعدم يومياً بالمئات بسبب إنتمائهم المذهبي ومطالبتهم بالاستقلال, وكذا الحال لباقي القوميات الأخرى, ولعل إعدام السلطات الإيرانية للطفل العربي الأحوازي ” ياسر شليباوي ” رمياً بالرصاص وذلك على خلفية تشجيعه لنادى الهلال السعودي في دوري أبطال آسيا أثناء مباراة جمعت بين فريق الهلال وأحد الفرق الإيرانية في طهران، حيث رفع لافتة كتب عليها “الهلال العربي أهلا فيك في ديار الأهواز العربية ” فهذا الفعل خير دليل على مدى قباحة وبشاعة تعامل السلطات الإيرانية مع الشعوب والقوميات التي ابتليت بان تقبع تحت سطوة وسلطة هذه الحكومة الفارسية, فهذه سياسة ملالي طهران مع شعوبها, مع من تعتبرهم أبنائها, فكيف سيكون تعاملها مع باقي الشعوب الأخرى التي تعاني من هيمنتها وإحتلالها كالعراق وسوريا وباقي العربية الأخرى ؟!.

وحول انتهاكات إيران بحق الأقليات بالداخل وممارستها في الجوار، قال ” طالب الشمري ” المتحدث الرسمي باسم المرجع العراقي الصرخي في تصريح خاص لصحيفة المدينة السعودية بتاريخ 19 / 2 / 2016 :

” إيران حكمت وتحكم الشعب الإيراني بقبضة من حديد ونار حيث سلطت عليه الإطلاعات ومليشيات البسيج المرتبطة بالنظام والمحامية عنه ومواجهة كل صوت معارض لها ورافض لسياستها القمعية بحق معارضيها من الأقليات غير الفارسية كالعرب والبلوش وغيرهما، كما أنّها تفتعل الأزمات والصراعات المذهبية والعرقية في الدول المجاورة لها كل ذلك من أجل تنفيذ مشروع توسعي إمبراطوري وكما صَرَّحَتْ عنه مؤخرًا بإنشاء إمبراطورية فارسية وعاصمتها بغداد ” .

وهذا يستلزم علينا جميعا كمسلمين وعرب أن نفصل بين الشعوب الإيرانية وبين سياسة إيران وحكوماتها الدموية الفاشية التي تريد أن توسع إمبراطوريتها على حساب شعوبها وشعوب المنطقة وبأي طريقة ووسيلة وإن كانت على حساب دماء شعوبها وشعوب العرب المسلمين سنة وشيعة, فهي تقتل السنة من جهة ومن جهة أخرى جعلت من الشيعة حطباً ووقوداً لنار مشروعها التوسعي في المنطقة, فهي عبارة عن إمبراطورية للموت لأنه رفيقاً لها في كل وادٍ تحل فيه سواء في داخل حدودها أو خارجها, وكراسي حكامها عبارة عن جماجم الرافضين لمشروعها التوسعي.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى