- أهم الأخباراخترنا لكالأخبار

أمراء الحرب يتنافسون على مدينة “الصفر”

يبدو أن القابض على مدينة أعزاز السورية كالقابض على جمرة، فمنذ بداية الأزمة قبل 5 سنوات، تحولت هذه المدينة إلى شريان حياة لقوى المعارضة في سوريا.

وقالت صحيفة الجارديان البريطانية اليوم الأحد، إن دور المدينة لم يتغير عندما تغيرت إدارتها من المعارضة إلى تنظيم داعش والتي استمرت 6 أشهر عام 2013، ومازالت تلعب نفس الدور، على الرغم من اقتراب القوات الكردية من أطرافها، فالمدينة بدأت كمنطقة متمردين محليين، إلى مركز لصراع تغذيه دول وتحالفات عظمى.

ووصفت الصحيفة المدينة بأرض الصفر “زيرو غراوند”، لما يحمل مصيرها القادم من آثاروأبعاد على الخارطة السياسية في سوريا، وبالتالي على القوى العظمى التي وضعت ثقلها واستثمرت في قادة المعارضة الذين يتنفسون من أعزاز، على أمل أن يواصلوا المنافسة في الحصول على بعض المناطق الممتدة على الشريط الحدودي بين حلب والحدود التركية، والتي تشهد ضعف تركياً في السيطرة عليها لم تشهده منذ نشأة تركيا الحديثة.

وبالرغم من أن هدف روسيا المعلن من الغارات هو ضرب داعش، إلا أنها ضربت أيضا معاقل المعارضة السورية في شرق هذه المنطقة، والتي يسيطر عليها مزيج من جماعات إسلامية وأخرى غير أيدولوجية، مما سبب نزوح عشرات الآلاف من اللاجئين إلى أطلال مدينة أعزاز وتحت أشجار الزيتون وفي ظل السياج الحدودي.

لكن سبب القلق التركي ليس اللاجئين، بل زحف الميليشيات الموالية للنظام السوري إلى حلب وأعزاز، وعلى رأسها حزب الله اللبناني والميليشيات الشيعية القادمة من العراق وأفغانستان، بالإضافة إلى الجيش النظامي السوري من جهة، ومن جهة أخرى وحدات حماية الشعب الكردية، التي تعتبرها تركيا لا تختلف عن حزب العمال الكردستاني الذي تحاربه من أكثر من أربعين عاما، وهو ما أخرج تركيا وقادتها عن طورهم.

ويقول أحد الضباط الغربيين في غرفة العمليات التي تمارس عملها من جنوب تركيا “حالة من الذعر أصابة النظام التركي، ودقات جرس الإنذار ملأت أبنية القيادة في كل أرجاء تركيا، مما جعلهم يوجهون اللوم لنا، متهمين أمريكا بأنها من صنع هذا، بدعمهم للأكراد وتجاهل الغارات الروسية”.

أول دقات جرس الإنذار التي قرعت في تركيا كانت في آواخر عام 2014، عندما بدأ الأمريكان باستخدام وحدات حماية الشعب الكردية في محاربة داعش في شمال شرق سوريا وبدعم من طيران التحالف الدولي الذي تتزعمه أمريكا.

في ذلك الوقت كانت تركيا حليف صعب الإقناع، فهي تعتبر الأكراد تهديدا أكبر من داعش على الرغم من بعده زمانيا ومكانيا، فقد رفضت أن يستخدم الناتو قاعدة إنجرليك كما رفضت أن تقوم بنفسها بأي دور ضد داعش.

وفي الوقت الذي يعيش النظام السوري وحلفائه نشوة انتصار في الشمال السوري لأول مرة منذ اندلاع الأزمة، مازال رد الفعل التركي خجولا مقارنة بتصريحاته، فكل ما فعلته تركيا هو السماح لـ 900 مقاتل سوري للدخول إلى سوريا، ودك القوات الكردية بالمدفعية، والإعلان عن وصول المقاتلات السعودية إلى المطارات التركية، وعلى الرغم من أن جميع الأطراف تعيش حالة من الهيجان، إلا أنهم جميعا في مأزق.

اللعبة الكبرى.. اللاعبون الأساسيون وماذا يريدون:

إيران:

أحد الداعمين الأساسيين لنظام الأسد، تسعى للحفاظ على هلالها الشيعي الذي يمتد قوسه إلى الجنوب اللبناني، وستبقي على دعمها لحلفائها في سوريا، معتمدة على قوتها العسكرية، التي عززها الاتفاق النووي مع الغرب، ولا ترى مانعا من الحوار مع الجماعات المعارضة الضعيفة.

روسيا:

إبقاء تبعية سوريا لموسكو أمر مهم جدا للزعيم الروسي فلاديمير بوتين، وفيما إذا سارت الأمور على ما هي عليه الآن، سيضعف النفوذ الامريكي في المنطقة، وسينحسر امتداد الناتو شرقا اذا ما خرجت منه تركيا، وتسعى روسيا إلى  تعميق علاقتها مع إيران الشريك الواعد في المنطقة، وهدفها الثانوي إيجاد حلفاء للقضاء على داعش، أما هدف بوتين الأكبر أن تكون نهاية الحرب السورية ونتائجها لصالحه.

أمريكا:

حصرت الولايات المتحدة الأمريكية دورها في محاربة داعش، وأعطت إيران معاهدة اتفاق نووي ملائمة، مقابل محاربة داعش ودور أكبر لصالحها في المستقبل، ولكنها بنفس الوقت تحاول إيجاد حلفاء لها في الرياض والخليج، وهي إشارة واضحة لتقلص دورها في المنطقة، وتغير محوري في سياستها الخارجية وفي أهدافها في منطقة الشرق الاوسط، بعد عقود من التدخلات العسكرية، مما وضع أوباما في موقع للانتقادات، ووصف أمريكا بأنها انحنت لروسيا.

الأسد:

قبل وصول المساعدة الروسية بقليل، كانت رقبة الأسد تحت المقصلة، فقد خسر معظم التراب السوري، ويسعى الآن لاستعادة السيطر على المناطق التي خسرها، ولكن هذه سيبدو مستحيلا دون مساعدة الروس وإيران، ولكن تحقيق طموحاته سيبقى مرهونا بمدى استقلاله عن روسيا وإيران لاحقا.

تركيا:

تريد تركيا أن يبقى الأكراد بعيدين قدر الإمكان عن حدودها الممتدة أكثر من ألف كلم، كما تنظر إلى الدعم الأمريكي لهم بعدم الرضى، وتشتاط غضبا من الغارات الروسية على المعارضة السورية.

السعودية:

لا تريد المملكة العربية السعودية للمعارضة السورية تخسر في الحرب، وبنفس القدر لا تريد أن ترى عدوتها اللدودة إيران تحقق مكاسب في الحرب، وتشارك تركيا بنفس الانزعاج من التدخل الروسي في الحرب السورية، ولكن هاجسها الأكبر هو إيران، ولذلك أرسلت مقاتلاتها إلى تركيا للمشاركة في الحرب بشكل مباشر.

الأكراد:

حاول الاكراد قدر الإمكان البقاء على الحياد وعدم الدخول في دوامة الحرب في سوريا، إلى أن اتفقوا مع أمريكا على الدخول برا بينما تقوم أمريكا بالغارات جوا، بتسهيلات من النظام السوري والطيران الروسي مؤخرا، ويسعون حاليا للحصول على بعض المكتسبات والمناطق الشمالية المحاذية للحدود التركية.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى