فجر رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي ، مفاجأة جديدة، قبيل مغادرته البلاد لحضور مؤتمر ميونيخ ؛ بإعلانه عن تعديل وزاري جوهري تترقبه العراق خلال الأيام القليلة المقبلة.
تسربت أنباء عديدة عن الوزراء والوزارات الخاصة بالتغيير، فقالت بعض المصادر إن ستة وزراء سيتم تعديلهم ، وهم وزير التعليم، حسين الشهرستاني، ووزير الداخلية محمد الغبان، ووزير النقل، باقر الزبيدي، ووزير الكهرباء، قاسم الفهداوي، ووزير الصناعة، محمد الدراجي، ووزير المالية هوشيار زيباري.
وذكرت المصادر أن وزيري الزراعة فلاح زيدان، والموارد المائية محسن الشمري سيغادران الحكومة، وسيبقى عادل عبد المهدي على رأس وزارتي النفط والكهرباء بعد دمجهما ليخرج من الحكومة وزير الكهرباء قاسم الفهداوي، كما سيتم إقالة وزير النقل باقر جبر الزبيدي، ما سيشعل معركة بين العبادي والمجلس الأعلى الإسلامي.
وكشفت المصادر أن التغيير سيشمل وزراء مؤثرين في الحكومة، وعلى رأسهم وزير الخارجية إبراهيم الجعفري، ووزير الداخلية والدفاع ومستشار الأمن الوطني.
التعديل بين الترحيب والرفض
ترى بعض القوى السياسية أن إصرار العبادي على تكوين حكومة من وزراء تكنوقراط سيكون مصيرها الفشل، خاصة إن لم تكن مدعومة سياسيًا من التحالفات والتكتلات الحزبية، وفي الوقت نفسه، يرى آخرون أن الأزمة السياسية الموجودة في العراق لن تحلها التعديلات الحكومية، فالمشكلة لا تكمن في وزير أو وزارة، بل تحتاج إلى تغيير مسار العملية السياسية برمتها، ورسم خريطة جديدة لها.
رحب اتحاد القوى العراقية الذي يُعد أكبر كتلة سُنية في البرلمان، ويشغل 5 وزارات في الحكومة الحالية هم الدفاع، والتخطيط، والكهرباء، والزراعة، والتربية، بالتعديل الوزاري المرتقب، فقال رئيس المكتب السياسي في الاتحاد، حيدر الملا، إن التحالف يمنح تفويضًا للعبادي لإجراء تغيير وزاري شامل في حكومته يستبعد من خلاله وزراء الأحزاب السياسية، وأضاف: «الاتحاد يؤيد التعديل الوزاري المرتقب إذا ما أفضى إلى إصلاح، ونعده وسيلة لإنهاء المحاصصة الطائفية والولائات الحزبية وتأسيس لكابينة وزارية مبنية على الكفاءات المهنية من ذوي الاختصاص، قادرة على تحقيق مفردات برنامج الإصلاح».
في المقابل، انقسم التحالف الوطني حول قرار التعديل بين داعم لتشكيل حكومة تكنوقراط، وآخر مؤيد بشروط تكاد تكون تعجيزية، فقال المجلس الأعلى الإسلامي، بقيادة عمار الحكيم، إن الدعوة لحكومة مستقلين أو تكنوقراط وإنهاء المحاصصات السياسية من أجل أن تكون صادقة وجدية، يجب أن تشمل الجميع بمن فيهم رئيس الوزراء.
كما رحب بعض النواب داخل التحالف بالإصلاحات الحكومية، لكنهم أكدوا أن الكتل السياسية في التحالف لن تتنازل عن مناصبها، فقال عضو التحالف، صادق المحنة، إن أعضاء كتل التحالف الوطني يؤيدون جميعًا أي توجه لإجراء إصلاح حكومي، لكن رؤساء الكتل السياسية يرفضون التنازل عن أي مكاسب سياسية ضمن أي خطوات إصلاحية، مشيرًا إلى أن القرار يبقى بيد العبادي.
هل ينجح التغيير؟
من المتوقع أن يواجه التغيير الوزاري المقترح مقاومة من الكتل السياسية الرئيسية؛ من أجل منع محاولات حيدر العبادي لاستبدال وزراء تم تعيينهم على أسس سياسية بوزراء آخرين تكنوقراط، ما يمكن أن يكلفه منصبه في نهاية المطاف.
التحالف الوطني الذي يعتبر أكبر تحالف سياسي في البرلمان، يُعد من أكبر التكتلات الخاسرة في التعديل، فخسارته لوزارات النفط والخارجية والداخلية ستكون أقوى ضربة توجّه له منذ توليه السلطة في عام 2003، وهو ما سيعمل على مقاومته بالتأكيد، حتى إن كلفه ذلك التضحية بالعبادي، فيما سيكون خسارة الأكراد لوزير المالية بعد إقالته، ضربة جديدة للحزب بعد أن أطاح رئيس الوزراء بثلاث مواقع له خلال إصلاحاته في أغسطس الماضي، عندما ألغى منصب نائب رئيس الوزراء، ووزيرة المرأة، ووزارة دولة، وهو ما سيرفضه الحزب الكردي بالتأكيد.
التحديات السابقة قرأها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، لكنه لم يتراجع عن التعديلات حتى وصل به الأمر إلى التعبير عن استعداده لترك منصبه مقابل إجراء التغيير الوزاري، قائلًا: «أنا مستعد لترك المنصب ولست متمسكا به، ولكن في نفس الوقت لست متهربًا من المسؤولية، وإذا أرادوا التغيير بالكامل فمستعد لذلك»، محذرًا من تجاهل الكتل السياسية بالبرلمان العراقي لدعوته إجراء تغيير جوهري في الحكومة.