نون والقلم

المشهد العربي قيد التصفية

يبدو المشهد اليمني حالياً في طريقه إلى الحسم العسكري مع اقتراب قوات الشرعية إلى مشارف العاصمة صنعاء.. وحتى الآن لا نعلم هل ستكون هناك معركة لتحرير صنعاء أم سيتدخل القدر في آخر لحظة ويجنب المدينة مأساة الحرب والدمار؟، فالحل السلمي هو الأفضل للعاصمة أي استسلام أو انسحاب قوات الحوثيين وحليفهم صالح والتوصل إلى تسوية عسكرية تجنب العاصمة اليمنية ويلات الحرب تمهيداً لتسوية سياسية في اليمن تشارك فيها كل الأحزاب والتيارات.
فاليمن يبدو في طريقه إلى تحقيق الانتصار ووأد الانقلابيين وإعادة بناء نفسه سياسياً ومادياً بعد السنوات العجاف الأخيرة.
وفي ليبيا تبدو الأزمة تنفرج رويداً على قاعدة الحوار وتشكيل الحكومة. وفي أقصى الشمال العربي أي في العراق وسوريا بات إرسال قوات برية عربية إلى سوريا والعراق أمراً مطلوباً في هذه المرحلة. فالهدف هو تصفية تنظيم «داعش» لكن في الوقت نفسه يجب ألا ننسى أن وجود قوات عربية على الأرض سواء للقتال أو لتدريب قوات معارضة سورية أو قوات من السنة العرب في العراق لمقاتلة «داعش» هو ضرورة الآن لخلق توازن على الأرض في كل من العراق وسوريا في مواجهة جماعات وميليشيات تجاهر بتبعيتها لإيران وبعدائها لدول الخليج. ومن ينتقد التدخل العربي الخليجي هناك إنما يناقض نفسه لأن من يحرم الوجود العسكري العربي في العراق هو نفسه الذي يبيح التدخل العسكري الإيراني ولا يعترض على التدخل في سوريا أو ما تضخه إيران من مقاتلين ومدربين لميليشيات الحشد، وتسهل عمليات بيع الأراضي في بعض المحافظات للإيرانيين الذين تم منحهم الجنسية بأعداد غفيرة منذ مرحلة حكم نوري المالكي حتى الآن.
والمسألة في سوريا الآن هي ظهور خطر التطهير العرقي أي الإبقاء على اللاجئين السوريين الذين شردتهم الحرب خارج سوريا خاصة الذين توجهوا إلى بلاد الغرب ما يعني تغيير التركيبة الديمغرافية لسوريا مثلما حدث في العراق ما يتيح تقسيمها إلى دويلات لاحقاً. وفي الحالة العراقية فإن الجرم واضح لأن التآمر على وحدة العراق أخذ يتجسد منذ الاحتلال الأمريكي للعراق بفصل كردستان، فيما أن مرحلة المالكي شهدت قمعاً لبعض المحافظات وكأنها طارئة على العراق وهو قمع يشبه الاستعمار أو الاحتلال وكلنا شاهدنا الاعتصامات الجماهيرية في مدن الأنبار التي تم قمعها بالقوة ولم تحظ بأي تعاطف دولي.
إذاً فإن هزيمة «داعش» تعني أيضاً هزيمة مشروع الميليشيات ومؤامرة الاستفراد بالعراق وسوريا وإحباط مخطط التقسيم. لأن الوجود العسكري الخليجي هناك يعني ضمناً ضربة استباقية لمخطط التقسيم ومواجهة الوجود الأجنبي. ففي حالة نجاح مخطط إقامة دولة للنظام السوري في شمال سوريا فإن الطريق ستكون سالكة لإقامة دولة كردية تمتد من كردستان حتى شمال سوريا وقس على ذلك في العراق.. وستكون دول الخليج الهدف التالي للمخطط من حيث إشاعة عدم الاستقرار بواسطة العناصر الإرهابية.
ولعل من يطالب بوجود عسكري خليجي في سوريا والعراق لا يبحث عن مواجهة مع روسيا لأن أي تحرك هناك يجب أن يكون مدعوماًَ من التحالف الإسلامي وربما من الولايات المتحدة التي فقدت السيطرة على الوضع حباً في الاتفاق النووي مع إيران ووجدت إيران تلتهم العراق ثم سوريا بهدوء. واعتقد أن روسيا تتفهم الدوافع الخليجية في التدخل وتحاول في مشاوراتها التنسيق ضد الإرهاب لمنع الصدام طالما هناك أفق للحل السياسي في حالة نجاح هدنة ميونيخ. ذلك أن روسيا كانت تسعى لهدنة في الشهر المقبل لتحقيق المزيد من المكاسب على الأرض وفرض شروط النظام.
فبعد قرابة خمس سنوات من القتل والفتن والدمار أودت بحياة مليون عربي وشردت الملايين ودمرت مدائن في كثير من الأقطار نأمل أن تكون مرحلة التصفية النهائية قد أزفت وحان وقت التوافق.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى