الرفاهية هي أحد أهم أهداف أي شخص وهي الدور المطلوب من الحكومة تحقيقه لشعبها.. وهي حق من حقوق الإنسان.. وهذا الحق لا يتحقق إلا بتمتع كل شخص بجميع حقوقه السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. فمعايير قياس رفاهية أى مجتمع تقاس وفق مدي تمتع أفراده بحقوقهم وتمكينهم من ممارستها وتطور حياته وفقاً لهذه المعايير.
أقول هذا بعد الجدل والنقاش الذي شهدته مصر بعد إعلان معهد ليجاتوم البريطاني عن الدول الأكثر سعادة في عام 2015 فالمؤشر الذي أعلن عنه يقصد السعادة أو الإحساس بالرضا بين شعب الدولة من الخدمات والأوضاع الاقتصادية فيها ومستوي الدخل وتوفر الخدمات الراقية والالتزام الطوعي بالقوانين.
فالسعادة أو الرضاء تتحقق بالدخل الكافي وبخدمات جيدة تقدمها الدولة وتطبيق مبدأ سيادة القانون علي الجميع أي أن القياس يكون مختلفاً عن تمتع أي شعب بحق الرفاهية لأن السعادة والرضاء العام جزء من الحق في الرفاه.
فالمعايير التي اعتمدها معهد ليجاتوم تشمل التطور الاقتصادي، وريادة الأعمال وفرص الاستثمار، والأداء الحكومي، وجودة التعليم، والصحة، والأمن، والحرية الفردية، والتواصل الاجتماعي. وجودة الحياة ومستوى الراحة والسعادة لدى المواطنين.
وهي المؤشرات التي دفعت الإمارات إلى احتلال المرتبة الأولى عربياً والثلاثين عالميا وتلتها الكويت والسعودية لأن الإمارات تتمتع باقتصاد قوي وتعليم راق وخدمة جيدة للصحة بجانب احترامها إلى حد كبير للحرية الفردية.
فليس شرطاً أن تكون سعيداً بأن يكون دخلك مرتفعاً وفقاً لما أعلنه التقرير ولكن الرضا، بل إن جودة الحياة ومستوى الراحة والسعادة لدى المواطنين شرط أساسي للإحساس بالرضا. أي أن الدولة التي توفر الخدمات الأساسية وبجودة كبيرة تتقدم في هذا المؤشر عن الدول التي قد تكون قوية اقتصادياً ولا تقدم خدمات جيدة ولا تحترم الحقوق الأساسية.
وكانت مبادرة دولة الإمارات بتعيين وزير للسعادة والرفاهية خطوة مهمة لمتابعة هذا الإنجاز المهم ومراعاة التزام جميع أجهزة الدولة بالمعايير التاسعة التي حددها المعهد وهذا القرار يكشف عن صدق ونية القيادة السياسية هناك علي استكمال مسيرة التنمية الشاملة حتي يتمتع شعب الإمارات والمقيمون علي أراضيها بحقوقهم الأساسية كاملة.
وتتصدر الإمارات مؤشر السعادة سبقه تصدرها لمؤشر الاستثمار الذي أصدرته المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات «ضمان» وهو المؤشر الذي يعتمد علي بيانات ومعلومات البنك الدولي وتقدمت عالمياً أيضاً رغم الانهيار في أسعار البترول.
ولابد أن نعلم أن الإمارات تحتل مرتبة متقدمة عالمياً في مكافحة الفساد وهو ما جعلها مهيأة عربياً بأن تكون الأولي في مختلف المجالات وتقترب من تحقيق جميع المعايير الخاصة بتحقيق الرفاهية فقادة الإمارات عرفوا مبكراً أن الفساد سوف يهدر أي جهود لتحقيق النمو المطلوب لدولتهم فبادروا إلى مكافحته وبقوة وجلبوا الخبرات الدولية المحترمة التي ساعدتهم في كبح جماحه.
أصبحت الإمارات من الدول التي يجب أن ندرس تجربتها بدقة وندرس ما فعلت في الفترة الزمنية القصيرة بأن تكون بهذه القوى الاقتصادية والسياسية وماذا فعل حكامها من أجل تحقيق السعادة والرضا لشعبهم وأعتقد أن كلمة السر ما قاله الشيخ محمد بن راشد إن الحاكم الذي يحب شعبه ويعمل من أجله يبادله الشعب نفس الحب ويعمل من أجل بلده فكلمة السر في الإمارات هي القدوة التي تمثلت في حكام الإمارات.