قضيت أمسية كاملة في قراءة مواضيع اخترتها من مجلتين، «العربي» ولن أسميها كويتية لأنها لكل العرب، و «نيويورك ريفيو أوف بوكس» باللغة الإنكليزية. ما يجمع بين المجلتين تحقيقات راقية ومراجعة بعض أهم الكتب من السياسة إلى الرواية، وأحياناً الشعر.
في «العربي»، بدأت بمقال لرئيس التحرير الدكتور عادل سالم العبدالجادر، عنوانه «قمم ثابتة في عالم متغير» ربما أوحى به أن الكويت عاصمة الثقافة الإسلامية سنة 2016.
المقال الثاني في المجلة كان أقرب إلى دراستي الجامعية واهتمامي الشخصي، فموضوعه «أمين نخلة، أيقونة الجمال والأناقة في الشعرية اللبنانية» للأخ فاروق شوشة. أختار فقط ما قال أمير الشعراء أحمد شوقي في تقديم الديوان «دفتر الغزل» الصادر سنة 1925. أختار:
هذا وليٌّ لعهدي/ وقيّم الشعر بعدي
كأن شعر أمين/ من نفح بانٍ ورند
أو من عناق التصابي/ وقرع خدٍّ بخدِّ
والعصر عصر أمين/ خير ومطلع سعد
أمين نخلة كان مجدداً حافظ على القديم أو حفظ عهده. ويقول في ذلك:
أيقولون في البيان قديم/ وجديد ونغتدي في حواره
إن ذاك القديم قيثاره العذب وهذا الجديد من آثاره
كل المقالات جميل، جمع بين مصر ولبنان والسودان وحتى مارتينيك، وتوقفت عند «برج البرلّس، طريق الحرير التشكيلي» للأستاذ أشرف أبو اليزيد، وعلمت أن برج البرلس على البحر في محافظة كفر الشيخ، والفنان المصري عبدالوهاب عبدالمحسن نجح في إنشاء مؤسسة تحمل اسمه للثقافة والفنون والتنمية.
أظلم العدد بتجاوز مواضيع مهمة، وأختار تحقيقاً عن الأستاذ أنيس منصور الذي رحل عن هذا العالم سنة 2011، ومقالات عدة عن الأديب جمال الغيطاني الذي رحل قبل أشهر بعد معاناة طويلة مع المرض.
وضاق المجال فأشير إلى عرض كتاب جديد هو «تاريخ عبدالله المبارك في صور» للدكتورة سعاد محمد الصباح.
أكمل بالمجلة الثقافية الأميركية ومرة أخرى كل موضوع فيها يستحق القراءة، وأختار اثنين، وأبدأ بتحقيق عنوانه «المشكلة في يال» للبروفسور في جامعة جورجتاون ديفيد كول. جامعة يال من بين أهم عشر جامعات في الولايات المتحدة، وقد تعرضت في السنوات الأخيرة لما قد يسمّى ثورة طالبية احتجاجاً على العنصرية المبرمجة في الحرم الجامعي. رئاسة الجامعة تجاوبت مع الطلاب الذين يريدون توسيع الدراسة لتشمل الاثنية والعنصرية وزيادة مساعدة الطلاب الفقراء.
غير أن أفضل ما وجدت لقارئ عربي مثلي هو «داعش (الدولة الإسلامية المزعومة) في غزة» الذي كتبته سارة هيلم بعد أن زارت القطاع وتحدثت إلى أهله. كنت سأشك في الموضوع لولا أنني أذكر أن الكاتبة كانت مراسلة لجريدة «الإندبندنت» الليبرالية، ولم يخِب ظني فقد كان التحقيق موضوعياً جداً.
غزة تعرضت لحرب إسرائيلية عليها في صيف 2014 وقتِل 2205 أشخاص، بينهم 521 طفلاً و283 امرأة، ودُمِّر أكثر من 11 ألف بيت. القطاع صغير ومحاصَر ويسكنه 1.8 مليون فلسطيني وجاءت الحرب فوجد «داعش» فرصة للدخول، وكان هناك فيديو مشهور السنة الماضية لإرهابيين من «داعش» هددوا بإسقاط «حماس» في قطاع غزة لأنها ليست متطرفة كثيراً مثلهم.
حماس الآن تشنّ حرباً غير معلنة على داعش في القطاع، وقد سقط قتلى، ولحماس الغلبة حتى الآن. هناك سلفيون في القطاع ونجد أنهم ضد تجاوزات داعش وولوغه في دم الأبرياء.
مجلتان أرجو من كل قارئ قادر طلبهما، وأعده بأنه لن يندم، وربما شكرني.