أطلق المسلمون على العراق أرض السواد لأنها كانت ترى كخيط أسود في الصحراء، لكثرة أشجار النخيل والمزارع والكروم، ولا عجب، فبدلاً من نهر واحد أكرمها الله بنهرين زاداها خصباً على خصب، واليوم تحولت أرضاً يباباً تعاني الجفاف، ودجلة والفرات ربما فقدا حماس التدفق في أرض السواد أو ربما تعارض جريانهما مع ثقافة القتل التي امتدت إلى الماء والشجر والحجر، فضلاً عن البشر. والعراق اليوم هو بلد النهرين لا يعاني فقط نقصاً في الكهرباء بل وفي المياه أيضاً.
قريباً من العراق بعيداً عنه في الحال السوداني، وهي سلة الخبز العربي التي حفظناها في زمن المدارس، والعجب العجاب أن هناك في السودان التي تفيض لبناً وعسلاً ومياهاً وخضرة، والتي كانت مساحتها يوماً تزيد على فرنسا وألمانيا مجتمعتين، هناك من يموت جوعاً وجفافاً. لماذا؟ السبب غير معروف. والفقر ينهش العظم قبل اللحم في بعض أجزائه سواء تلك التي فارقته أو التي ما زالت في السودان.
في العالم العربي هناك اليوم أعلى نسبة بطالة في العالم، وتصل لحاجز الـ15 %، والفقر يضرب نسبة لا بأس بها من الشعوب العربية والأسباب متعددة والنتيجة واحدة.
لا يعرف حتى الآن لماذا إسبانيا وهي الدولة التي تعاني اقتصادياً في أوروبا يزيد ناتجها الإجمالي عن كامل ناتج الدول العربية، رغم أن الثروات التي تملكها المنطقة تزيد على تلك الموجودة ربما حتى في أوروبا كلها.
هناك دول عربية كانت يوماً ما منتجة لأنواع شتى من الخضراوات والفاكهة والحبوب، باتت اليوم مستوردة لها، والنتيجة عملة صعبة خارج البلاد، ومزيد من الديون، وفقدان للوظائف في هذه الأعمال.
قد تكون تلك القضايا كلها اقتصادية، لكن القرار السياسي يبقى الحاضر الغائب في هذه المعادلة التي ترتبط بسياسات وقرارات يقف وراءها ساسة وأصحاب قرار يفترض أنهم مسؤولون أمام شعوبهم، وليس فقط الترويج للمؤامرات الكونية ونظريات المؤامرة التي ترتبط بها.
نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية