“مساء يوم الإثنين 24 يناير 2011، فوجئت باحد زملائي يحدثنى عبر موقع التواصل الاجتماعى “الفيس بوك”، ليوجه إلى سؤالا أبدا لن أنساه، كان “تفتكرى بكرة هيحصل حاجة؟”، فكانت إجابتى “ربما”
“وفى صباح يوم الثلاثاء 25 يناير 2011، كان من الضرورى ان أهتم كثيرا بمتابعة ما يدور بالشارع، إلا أنه خلال تصفحى للفيس بوك وجدت مجموعة من الصور التى راقت لى كثيرا، فمجموعة من الشباب يرتدون أعلام مصر، ويرفعونها عاليا، وبدأت فى الاحتفاظ بها للذكرى، وأذكر مقطع لفيديو أبدا لن أنساه كان لشاب بإحدى المحافظات تسلق أحد العمدان الموجودة بالشارع، ليصل إلى صورة الرئيس المصري المخلوع حسنى مبارك، ويتشبث بها ليزيلها تماما، وسط هتاف الجميع من حوله “عيش .. حرية.. عدالة اجتماعية”، ومع تزايد حدة الأحداث فى بداية كل صباح، بدأت أشعر أن الأمر أبدا لن يكون سهلا، وأن هناك روحا جديدة بدأت تعرف طريقها إلى الشارع المصرى”.
“كانت تلك الأيام بسيطة دون خسائر تذكر من المشاركين بالأحداث، بالرغم من تزايد أعدادهم بميدان التحرير والإصرار على الاعتصام، إلا أن فى صباح يوم الجمعة 28 يناير “جُمعة الغضب”، فوجئت بقطع وسائل الاتصالات اللاسلكية، الهاتف المحمول والإنترنت مع خروج مئات الآلاف من مختلف المساجد عقب صلاة الجمعة متجهين صوب ميدان التحرير فضلا عن عديد من المدن المصرية كالإسكندرية والسويس والمنصورة والإسماعيلية ودمياط والفيوم والمنيا ودمنهور ومحافظة الشرقية وبور سعيد ومحافظة شمال سيناء، وبداية سقوط ضحايا، وإحراق مقار الحزب الوطنى بكل مكان والاعتداء على أقسام الشرطة”.
“أبدا لن أنس المداخلات الهاتفية بالبرامج التليفزيونية الشهيرة، واستغاثات المواطنين، والتى كان يبالغ بعضهم فى تعبيراته حتى صاروا مصدر فكاهة لنا جميعا فى أصعب اللحظات كتامر بتاع غمرة.. وتعليق الفنانة عفاف شعيب متحدثة عن ابن شقيقها الذى لا يتجاوز العامين من عمره “نفسى آكل بيتزا.. نفسى آكل ريش”، ومكالمة الفنان أحمد عيد على أحد البرامج الشهيرة، ليعاتب مستوى تغطيتهم، ومهاجمتهم للثورة فى البداية وتأييدهم لها فور الشعور بنجاحها، ومطالبته لهم بتوجيه أسف للشعب المصرى”.
“وليعلن الرئيس المخلوع بدء حظر التجول فى جميع أنحاء الجمهورية ابتداء من الساعة السادسة مساءً حتى السابعة صباحاً، لتبدأ الأهالى فى تكوين “اللجان الشعبية بكل طرق وحوارى وشوارع مصر، عقب نشر أنباء عن هروب أعداد كبيرة من المساجين، من بينهم ٣٤ قيادياً إخوانياً من سجن وادى النطرون، كان من أبرزهم حينها ” محمد مرسى، وعصام العريان، وسعد الكتاتنى”.
“مساء 11 فبراير 2011، وعقب انتظارنا لبيان ظلت القنوات المصرية تنوه عنه لساعات، وخلال وجودى بصحبة والدى فى أحد الأسواق القريبة منا، ظهر عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية وقتها، بأحد التليفزيونات التى وضعتها واحدة من المقاهى القريبة منا، ليعلن تنحى الرئيس حسنى مبارك عن السلطة، لم أتمالك دموعى لأجدها تجرى دون انتظار لكلمة تخرج منى للتعبير عن إحساسى وقتها، لأبدأ بالنظر إلى وجوه كل من يحيط بى، وهم يتبادلون التهانى عما حققه الشباب من إنجاز حقيقى.
“أبدا لن أنس ظهور عمر سليمان، نائب رئيس الرئيس المخلوع وقتها، وإلقائه بيان تنحى مبارك عن منصبه، شعرت أننى سأطير من السعادة، وصرخت وقتها أنادى أمى، لأخبرها أننا فعلناها وخلصنا البلاد مما أصابها، ووجدتها تبكى، وتقول أنا خايفة من اللى جاى .. ربنا يستر عليكم يا ولادى”.
بكل شارع فى كل حارة من الحوارى، وداخل كل فرد بكل أسرة ستجد قصة و ذكرى مختلفة مع ثورة يناير 2011، لكنهم جميعا اجتمعوا حول مطلب واحد هو”عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية”.
مرت5 سنوات على الأحداث، ومازلنا نعمل على تحقيق الأهداف، متمسكين بمطالب أصدقائنا الذين فقدانهم جميعا بالأحداث ” سالى زهران.. أحمد بسيونى.. مصطفى الصاوى.. عمر غريب.. إسلام رأفت.. إسلام سيف الدين.. عمرو محمد حامد…. أحمد إيهاب.. ومحمد عبد المنعم حسنين.. سيف الله مصطفى.. محمود سعيد هديه.. محمد أمين الباز.. محمد جمال سليم.. إسلام محمد عبد القادر بكير.. حسين طه.. كريم بنونه.. وغيرهم”.
وعلى صعيد المكاسب الاقتصادية، وبالأرقام الرسمية، حصد الموظفون والعمال بعض ثمار الثورة، وقفزت أجورهم 137% خلال 5 سنوات، وخصصت الدولة لبند الأجور فى موازنة 2106، 228 مليار جنيه، فيما أكد اتحاد العمال ارتفاع رواتب وحوافز جميع القطاعات العمالية، وزيادة علاوتهم 7%، بالإضافة إلى إقرار الحدين الأقصى والأدنى للأجور، وفيما يخص التعيينات، كشف الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، أن 900 ألف مواطن تم تعيينهم وتثبيتهم بعد الثورة.
سياسياً.. يرى المؤيدون أن الثورة حققت مكسباً مهماً، وهو ترسيخ مبدأ سيادة دولة القانون، فمبارك ونظامه خرجوا من القصر إلى السجن، ولم يعد بعدها أحد فوق القانون، بعد أن كانت محاسبة الكبار قبل يناير أقرب إلى «المعجزة»، كما أن الثورة أنهت أحلام توريث «جمال» وأسقطت أسطورة «العادلى» وسياساته، وأعلنت وفاة «أحمد عز» سياسياً.
أخلاقياً، يعتبر الرافضون، أن انتشار العنف والبلطجة والتحرش، وضياع هيبة المعلم والاعتداءات على المستشفيات، من «مخلفات 25 يناير»، ويرى خبراء أن الثورة فى مصر خرجت عن المألوف، وأن الخطاب الدينى المتطرف بعد الثورة أحد أسباب العنف ضد المرأة.
أما الاقتصاد، فتكشف الأرقام الرسمية، أنه تعرض لـ«الخراب»، بعد 25 يناير، فيما كانت السياحة ولا تزال الخاسر الأكبر، فأعداد السياح تراجعت 33%، وتم تسريح ثلث العاملين فى القطاع السياحى، وانخفضت إيرادات 2011 بنسبة تجاوزت 30%، فيما وصلت الخسائر إلى 50 مليار جنيه فى عامين.