خرجت من تونس قبل ثلاثة أشهر وقد ازداد خوفي علي هذا البلد الجميل بشعبه وإمكاناته وفكره وتحضره ، كانت كل المؤشرات التي لمستها في الأيام الستة هناك تنذر بالخطر ، فالإخوان المسلمون متحفزون ، وينتظرون فرصة سانحة لينقضوا علي السلطة من جديد ، ذئابهم منتشرة في كل مكان ، فرادي وفي مجموعات منظمة ، إخوان الداخل ، وإخوان الخارج ، أتباع الغنوشي ومورو ، وخلايا عبد الحكيم بالحاج التى يرسلها من ليبيا في هيئة لاجئين أو رجال أعمال ، وحتي مدعوا المرض ، وفي صف الإخوان يقف المنصف المرزوقي بحزبه الجديد ، واستقطاباته للشباب في الضواحي والمدن الفقيرة ، أؤلئك الذين يغدق عليهم الأموال مقابل الولاء المطلق والاستخدام عند الضرورة ، ومن بعد هذا أو ذاك يأتي خطر ” داعش ” المنتشر بين من فقدوا الأمل من العيش بكرامة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة ، وكان يتردد بين الناس أن شباباً يختفون ثم يظهرون من جديد ، ويؤكدون بأنهم يذهبون للتدرب عند دواعش ليبيا .
تجمعت أسباب إهدار فرصة الأمن التي حظيت بها تونس من بين دول الربيع العربي ، فالذين أشعلوا النار لا يريدونها أن تنطفئ ، وقد جهزوا ” الحطب والوقود ” ، فكان هذا الذي نراه اليوم ، لقد ركب الجميع فوق موجة المعوزين والعاطلين عن العمل ، فاحرقوا ودمروا ، وأيقظوا الفتنة من جديد ، هذه أساليب تلاميذ الغنوشي ، إحداث الفوضى ، وإضعاف الدولة ، ثم إملاء الشروط ، أو إنتاج وضع يعيدهم إلي الواجهة بعد أن أسقطهم الشعب التونسي في آخر انتخابات ، هكذا قال حليفهم المنصف المرزوقي ، ففي اللحظة التي كانت تونس تشتعل فيها ، كان هو ضيفاً في القناة الفرنسية الناطقة بالعربية ، وقد زاد علي الإخوان بأن طرح انقلاباً علي السلطة إذا لم تجلس معه واتباعه لتشكيل حكومة إنقاذ أو وحدة وطنية ، فهذه هي ديمقراطية الذين لا ينتمون إلي أوطانهم ، من سلبت إرادتهم ، وغاصت أرجلهم في وحل التبعية والاملاءات الخارجية ، تحريك الغوغاء ، وإشعال الفتن ، والقفز إلي الأعلى .
تحدثت إلي مجموعة من الأصدقاء في تونس يومي الخميس والجمعة ، أردت أن اطمئن علي تونس قبل أن اطمئن عليهم ، وأكد الجميع بأن الشارع التونسي يشير بأصابع الاتهام نحو المنصف المرزوقي ، الشارع بكل أطيافه واثق بأن هذا الشخص يقف وراء الذين يحرقون ويدمرون ، وفى ساعة متأخرة من مساء يوم أمس الجمعة قرأ لي أحد الأصدقاء بياناً صادراً عن الخارجية التونسية ، تعتذر فيه الوزارة لدولة الإمارات العربية المتحدة عن التصريحات التي قالها المرزوقي في لقائه مع القناة الفرنسية ، واعتبرتها الوزارة تصريحات ” لا مسؤولة ” عندما عمد على إقحام دولة الإمارات في ما يحدث من أوضاع في المنطقة العربية ، وبحثت عن تلك التصريحات ، واستمعت إليها ، ولأنني لست وزارة خارجية ولست دبلوماسياً ، سأصفها بالوصف الذي يليق بقائلها ، فهي بحق تستحق أن يقال عنها أنها ” كلام وقح من شخص وقح ” .
لا يستطيع المرزوقي أن يطمس الحقيقة ، حقيقته أو حقيقة دولة الإمارات ، ولا وجه للمقارنة هنا ، فهو فاقد للمصداقية ومرفوض من أبناء وطنه ، وبوضوح أكثر سأنقل ما سمعته من أحد القادة السياسيين في تونس خلال زيارتي الأخيرة وحرفياً ، إذ قال ” أن من يضع إرادته في يد أجنبية يفقد وطنيته ، ومن يفقد وطنيته يكره وطنه ، ومن يكره وطنه يمكن أن يضحى بشعبه ، والمنصف المرزوقي ليس وطنياً ، فقد باع ولاءه لغير الوطن ” ، أما دولة الإمارات فإنها ليست بحاجة إلى دفاع أو أسانيد مقابل أكاذيب المرزوقي ، فأفعالها تتحدث عنها وتزيل كل بقعه سوداء يحاول المرتزقة أن يلوثوا بها صفحاتها البيضاء في التاريخ العربي الحديث .. الإمارات مثل الشمس تشع نوراً ولا تظهر في الظلام ابدأ .