نون والقلم

لهذا تقلق السعودية من واشنطن

قد تكون السرعة التي تتطور بها العلاقات الاميركية-الايرانية هي أكثر ما يستفز السعودية، فتخرج الرياض في كثير من قراراتها عن السياق الذي تتبعه واشنطن مئة في المئة. ومن هنا التصادم في الرؤى حيال قضايا كثيرة في الشرق الاوسط ولا سيما منها اليمن وسوريا. ولا حاجة الى جهد كبير للاستنتاج أن حرب اليمن كانت بقرار سعودي محض وأن المضي في دعم الفصائل السورية المسلحة الى حين تغيير النظام بالقوة لا يلقى تجاوباً اميركياً في المطلق.

اما عندما يتعلق الامر بإيران، فإن واشنطن والرياض هما على طرفي نقيض حاد. السعودية تضع نصب أعينها تقليص النفوذ الايراني في المنطقة، وترى هذه المسألة في أهمية حرمان ايران التوصل الى القنبلة النووية أو ربما أخطر. واذا كانت ادارة الرئيس الاميركي باراك أوباما تفاخر بالتوصل الى الاتفاق النووي مع ايران وتعتبره انجازاً تاريخياً، فإن السعودية يقلقها دور ايران ونفوذها المتصاعد في المنطقة أكثر مما كانت تقلقها مسألة حصول طهران على السلاح النووي.
وهنا جوهر الخلاف مع واشنطن التي ترى ان في الامكان التعامل مع الدور الايراني في الاقليم واستخدامه بما يسهل حل المشاكل العالقة والصراعات القائمة، بينما ترى الرياض ان ايران هي جزء من هذه المشاكل وانها هي التي تضرم نيران الاضطرابات منذ عام 1979. وزادت المخاوف السعودية من ايران منذ عام 2003 واطاحة اميركا صدام حسين في العراق.
ولا تتوقف السياسة الاميركية عن اطلاق المفاجآت بالنسبة الى علاقتها المتجددة مع ايران وخصوصاً صفقة تبادل السجناء التي جرت في يوم دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ. وكان التبادل استناداً الى الصحافة الاميركية ثمرة مفاوضات سرية أميركية – ايرانية كانت تجري في موازاة المفاوضات النووية. فمن يضمن للسعودية ألا تكون واشنطن تجري مفاوضات سرية مع ايران في شأن المشاكل الاقليمية بما يقفز فوق كل التطمينات التي يطلقها المسؤولون الاميركيون لنظرائهم السعوديين؟
ولعل هذا مصدر اضافي للقلق السعودي الذي يترجم في تصعيد عسكري في اليمن وفي عدم تسهيل “الحل السياسي” في سوريا بالاصرار على عدم اشراك أي من مكونات المعارضة السورية الاخرى غير تلك التي انبثقت من مؤتمر الرياض، في محادثات جنيف. وقد يبدو ذلك بمثابة رسائل اعتراض سعودية على مجمل السياسة الاميركية في الشرق الاوسط.
وتسعى أميركا حتى الان الى استيعاب الموقف السعودي بحيث لا يتسبب بصدام مباشر بين الرياض وطهران، لأن عواقب ذلك ستكون جسيمة على كل اللاعبين. ولكن هل واشنطن في وارد التراجع عن البناء على الاتفاق النووي من اجل علاقات طبيعية مع ايران؟ ثمة شكوك كثيرة في ذلك!

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى