هل هناك فرق بين جرائم «داعش» وجرائم «الحشد» الطائفي في العراق بأسماء مجموعاته المختلفة؟
يظهر أن هناك فرقاً كبيراً لا نعلم ماهيته، جرّم «الداعشي» التكفيري، وترك الطائفي التكفيري؟ فليس المهم قطع الرؤوس وذبح النساء والأطفال بقدر من يقترفها؟ لماذا يا ترى؟ لنجتهد بحثاً عن تفسير لهذا.
خططت إيران للتغلغل في مواقع القرار والطبقة السياسية في دول عربية، استطاعت أن تنجح في بعضها، ولم تحقق النجاح التام في بعض آخر، هذه الجهود بدأت منذ سنوات طويلة بهدوء والتزام. حتى وصلت إلى أن تصبح أدواتها جزءاً من تلك الأنظمة، تتحكم بالقرار، وتدفع السياسة العربية إلى التردد في اتخاذ موقف واضح حازم منها، لأنه سيصور ضد هذه الدولة «العربية» والنظام «المنتخب»!
في لبنان نموذج كامل للمشهد، وجود حزب مسلح إيراني المنبع والهوى في السلطة اللبنانية، جعل العرب يترددون في اتخاذ موقف جلي، الدولة ضعيفة، وهناك مكونات أخرى هي ضحية لتلك الهيمنة، لذلك يخضع الموقف للمساومات و «المشاورات». أدخلت إيران الفايروس إلى الجسد العربي، فايروس مسلح، وهو في العراق أكثر تسليحاً ودعماً من القوى الكبرى. واشنطن الشريك الرئيس لإيران في النفوذ بالعراق، وهي من صمّم المحاصصة الطائفية، وألزم الجميع بقبول الشيعي الطائفي، وليس الشيعي العلماني، ليحكم حزب الدعوة العراقي الإيراني بلاد الرافدين، والفرق بين نوري المالكي وحيدر العبادي هو كالفرق بين نجاد الإيراني وروحاني، لذلك يصف العبادي القتلة الإرهابيين الذين يستهدفون السنة المدنيين بقطع الرؤوس ونحر الأطفال، وتفجير المساجد بـ «ضعاف النفوس»!
إيران وضعت العرب أو النظام العربي الضعيف أصلاً، والمتهاوي بعد زلزال الثورات أمام الأمر الواقع، هي بالعملاء تحكم وتنفذ خططها البعيدة المدى، ولن تكتفي. لذلك فإن الصمت عن مجازر السنّة في العراق إذا تجاوزنا الدين والإنسانية حتى سياسياً الصمت يخدم إيران.
في عهد نوري المالكي الذي نصّبته واشنطن إرضاء لإيران جرت مجازر ممهنجة ضد السنّة، وتم الصمت عنها، كما يتم الصمت الآن عن مجازر الحشد الطائفي في ديالى بالعراق.
إننا نرى الآن الغاية من «ابتكار» «داعش» كذريعة للقتل والتهجير الطائفي، وتهشيم نسيج المجتمعات العربية، فلم يكن لغزاً أن يبدأ «داعش» بأضعف المكونات «اليزيديين»، ثم المسيحيين، ولم يترك طائفة أو أقلية، كل هذا لتبشيع السنّة وصناعة الذريعة لإبادتهم.
لذلك فإن الحشد الطائفي بأسمائه «اللطيفة» من كتائب وأحزاب تزيف مقاصدها باسمي الحسين وعلي بن أبي طالب (عليهما السلام)، لا يختلف عن «داعش» الذي لبس رداء الخلافة، هما مكملان بعضهما لبعض لتحقيق هدف واحد.