التقرير الذي أصدرته لجنه تقصي الحقائق المشكلة بقرار الرئيس عبد الفتاح السيسي لمراجعة التصريحات التي أدلي بها المستشار هشام جنينة رئيس جهاز المحاسبات بأن تكلفة الفساد في مصر بلغت 600 مليار جنيه في عام تضمن عدة سلبيات كبري سواء في عمل الجهاز او في عمل أجهزة الدولة أو في البيان الصادر عن اللجنة.
وهذا التقرير سوف يثير جدلا مثلما أثار تصريح جنينه جدلا واسعا وسيظل حديث الناس لأيام طويلة فالتقرير كشف أن رئيس الجهاز استند إلي دراسة ممولة من جهة أجنبية، كما ورد في بيان اللجنة وأن الدراسة حملت عنوان دراسة عن تكاليف الفساد بالتطبيق علي بعض القطاعات في مصر لم تحمل مدي زمني ولم يتم الافصاح عن هذه الجهة.
وبيان اللجنة أفصح عن عدة مشاكل هامة في أجهزة الدولة وخاصة الأجهزة المنوط بها مكافحة الفساد كما كشف عن تهالك النظام المحاسبي الذي يعمل به الجهاز وتخلفه عن القواعد الدولية التي وضعتها منظمة أجهزة الرقابة والمحاسبة الدولية – الانتوساي – وغياب آلية لتحقق والفحص غير الأوراق التي يتم تسلمها من الجهات الخاضعة له.
وظهر من التقرير أن هناك خللاً في عمل الجهاز وعمل أجهزة الدولة فكان مثلا علي الأجهزة أن ترسل للجهاز بانها قامت باستعادة الاراضي المحيطة بمدينة السادات والمعروفة بالحزام الأخضر وأن هذه الأراضي التي تقدر قيمتها 174 مليار جنيه وهو مبلغ كبير جدا إلا أنه أغفل قيمتها في الوقت الذي تم الاستيلاء فيه علي هذه الأراضي وما صرفه واضعو اليد عليها لتكون خضراء ومما أدي إلي ارتفاع قيمتها لهذا المبلغ.
وما يهمنا هنا أن هيئة المجتمعات العمرانية لم تبلغ الجهاز بانها استعادت هذه الأرض وأن هذه المخالفة انتهت لذا ظهرت في التقرير وكل تقرير سوف يصدر مستقبلا لأن النظام المحاسبي وطريقه عمل الجهاز لم تتغير منذ انشائه وهي الطريقة الورقية فليس غريبا ان يرصد الجهاز مخالفات وفساداً حدث في السبعينات وفي العشرينات من القرن الماضي لأن هذه المخالفات مازالت قائمة ولم يتم علاجها وأصبحت أمراً واقع يتحدي كل اجهزة الدولة التي فشلت في ازالتها حتي الآن.
لذا عدم مصداقية الدراسة لا يتحملها الجهاز وحده ولكن جميع أجهزة الدولة التي لا تتعامل بصورة شفافة مع بعضها كما يفضح قيام المسئولين بالقاء تقارير الجهاز في الادراج فاللجنة اكتفت بتوجيه اللوم الي رئيس جهاز المحاسبات ولم تلم جميع المسئولين الذين تجاهلوا ابلاغ الجهاز أن المخالفات الواردة في تقارير الجهاز المتتابعة قد أزيلت وتم استعادة الأموال والأراضي والديون المتراكمة علي الشركات.
والأهم أن اللجنة تطلب من العاملين في الجهاز أن يكون عندهم حس سياسي عندما طالبوا بسداد ديون شركات البترول، وهو أمر غريب فعلا من اللجنة فالجهاز عمله فني بحت وليس سياسيا وأن هذه الديون ليس لها علاقة بالاوضاع السياسية أو الاقتصادية وهي من حق الشعب المصري ولايجوز للجهاز أو رئيسه اغفالها في تقاريره أو الدراسات التي يعدها وألا يكون ارتكب جريمة مهنية وكان علي الحكومة أن تقوم بمبادرة لتحصيلها وفق الظروف الاقتصادية والسياسية للبلد لأن هذا هو دورها وليس دور الجهاز ولا لجنة تقصي الحقائق ولا أي جهاز رقابي في مصر وعندما تصل الحكومة إلي طريقه لاستعادة هذه الديون تبلغ بها الجهاز وكل الاجهزة المختصة.
وأخيراً ملاحظة عامة علي البيان ولهجته ففيها تهجم وتشف واضح علي شخص رئيس جهاز المحاسبات ومن صاغ هذا البيان كشف عن عدائه للرجل ويبقي أمام لجنة تقصي الحقائق والجهاز خطوة هامة وهي نشر الدراسة التي أعدها الجهاز ونشر تقرير اللجنة كاملا أمام الرأي العام لأن لغة بيان لجنة تقصي الحقائق حمل في باطنه رسالة بأن المسئولين في مصر يسيرون علي درب.. كله تمام.. يافندم.