تتنوع جبهات الخطر الذي يستهدف عالمنا العربي، ويهدد سلامته، واستقراره. وإذا كانت الفوضى التدميرية التي يستخدم أداة لها، تنظيم «داعش»، وحلفاؤه من الإرهابيين، تمثل الخطر الراهن، بجنوحه إلى أطماعه في التدمير الشامل للمنطقة، فإن هناك مصادر خطر أخرى، حتى لو لم تكن تشكل بندا في قائمة الأولويات حالياً، إلا أنها تبقى مصدر تهديد دائم، ينبغي أن يحظى بما يستحقه من اهتمام العالم العربي، وهو امتلاك «إسرائيل» للسلاح النووي.
هذا المصدر كان قضية المؤتمر الذي عقد في المملكة المتحدة، في الفترة من 14 – 18 ديسمبر/كانون الأول 2015، وكان يبحث منع الانتشار النووي، والتخطيط لمؤتمر مراجعة منع الانتشار لعام 2020. وبالرغم من أنه يتناول قضايا عالمية، إلا أنه لم يكن يغيب عنه، ما يخص الدول العربية، ويتعلق بأمنها القومي.
وكان يفترض أن يكون فيه تواجد لها في هذا المؤتمر، لتأكيد مواقفها، ورؤيتها، خاصة ما يتعلق بجعل الشرق الأوسط، منطقة منزوعة السلاح النووي، وأيضاً بقية أسلحة الدمار الشامل.
مؤتمر وولتون بارك، عقد بدعوة من مركز تشجيع الحوار التابع لوزارة الخارجية البريطانية، وشارك فيه 85 من المسؤولين، والخبراء، ومراكز البحوث، والسفراء الحاليين، والسابقين، وموفدون من وزارات الخارجية، والدفاع، وهيئات الطاقة الذرية، وحضر – عربياً – السفير سامح أبو العينين، مدير مكتب جامعة الدول العربية في جنيف. وشاركت فيه مصر، ممثلة بالسفير د. منير زهران، بصفته خبيراً مستقلاً، ولم تشارك أي شخصية من مسؤولين أو مراكز بحوث، أو الجامعات، من الدول العربية، والآسيوية، والإفريقية، باستثناء جنوب إفريقيا.
ومن الولايات المتحدة، شاركت 31 شخصية أمريكية، من مسؤولين حاليين، وسابقين، وأساتذة جامعات، وخبراء، ومراكز بحوث.
وفى كلمته ومداخلاته أمام المؤتمر، قال السفير د. منير زهران إن اهتمامنا، لا يرجع فقط إلى إعطاء أولوية لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، وإنما لضرورات التفاوض حول نزع السلاح النووي، والتوصل إلى إخلاء العالم أجمع من هذا السلاح الفتاك. وأكد أهمية إحياء مفاوضات إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. وان نقطة البداية هي انضمام «إسرائيل» لمعاهدة منع الانتشار النووي، وإخضاع جميع مرافقها النووية لنظام الضمانات الشامل، للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وانضمامها أيضاً لمعاهدتي حظر الأسلحة النووية، والبيولوجية، بالتوازي مع انضمام مصر إلى هاتين المعاهدتين، والدخول في مفاوضات جادة لإنشاء المنطقة الخالية من السلاح النووي.. بما في ذلك النظام الإقليمي للتحقق من عدم وجوده، على غرار المناطق الأخرى الخالية من الأسلحة النووية، ولأن خطر التهديد النووي الذي تتعرض له المنطقة حادث بالفعل، بما يأتي من «إسرائيل»، لعدم انضمامها للمعاهدة حتى الآن. مشيراً إلى الشعور العام لدى المشاركين في المؤتمر، بصعوبة تطبيق وسائل وصول أسلحة الدمار الشامل إلى المنطقة.
إن من شاركوا في مؤتمر وولتون بارك، كان الهدف من حضورهم، الاستفادة من مداخلاتهم، في التخطيط لسياسات الدول المشاركة في الإعداد لمؤتمر المراجعة لعام 2020، والتشاور والتنسيق بين مواقفها المستقبلية، بالنسبة للموضوعات المطروحة، بعد فشل مؤتمر المراجعة عام 2015، خاصة أن عام 2020 سيكون مناسبة الاحتفال بمرور خمسين عاماً على معاهدة منع الانتشار، والتفاوض على معاهدة لنزع السلاح النووي، وإخلاء العالم منه.
إن القضايا التي طرحت في المؤتمر، ليست بعيدة عن هموم الدول العربية، سواء لكونها جزءاً من قضية تهم المجتمع الدولي، أو لكونها خطراً يمس الدول العربية إقليمياً، والماثل إلى جوارها، بسبب امتناع «إسرائيل» عن الانضمام لمعاهدة منع الانتشار. وفوق ذلك، فإن نجاح جهود إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، يمكن أن يفتح الباب أمام إيجاد طرق تمنع وصول هذه النوعية من أسلحة الدمار الشامل إلى المنطقة، التي ترتع فيها منظمات الإرهاب.
45 2 minutes read