بعض شعر الغزل لننسى أسباب الشقاء.
الإمام الشافعي قال: ولولا الشعر بالعلماء يزري / لكنت اليوم أشعَر من جرير. وبما أنني والقارئ لسنا من العلماء، بل من المتعلمين البسطاء، فان الشعر لن يزري بنا لأنه لا يوجد ما سيزري به.
الغزل تغيّر، وفي الشعر العربي القديم شواهد لا تكاد تحصى عن خصال الجمال وأهمها دقة الخصر وكبر العجيزة. والشنفرى الأزدي له قصيدة مشهورة عن أم عمر التي «أجمعت فاستقلت» يقول فيها: فدقَّت وجلّت واسبكرّت وأكملت / فلو جنّ انسان من الحسن جنت. وللقارئ: الشاعر يمدح نحول خصرها وضخم عجيزتها، واسبكرّت فهي بمعنى أنها طويلة. أما عروة بن أدينة فله قصيدة تبدأ بقوله: إن التي زعمت فؤادك ملـّها / خلقت هواك كما خلقت هوى لها. وفيها: بيضاء باكرها النعيم فصاغها / بلباقة فأدّقها وأجلـّها. والمعنى هو ذاته في شعر الشنفرى.
وكان النابغة في قصيدة يمدح بها النعمان أشار الى زوجته المتجردة، ما أثار حفيظة الملك عليه. النابغة قال: والبطن ذو عكن لطيف طيه / والاتْب تنفجه بثدي مقعد. وبعده: محطوطة المتنين غير مفاضة / ريا الروادف بضّة المجرَد.
والحديث هنا هو نفسه، فالعكن ما انطوى وتثنى من لحم البطن، والاتب الثوب، ومتناها مكتنزان.
أجمل مما سبق كثيراً شعر العذريين، وقيس قال:
أقول لظبي مرَّ بي وهو شارد / أأنت أخو ليلى فقال يُقال
أيا شبه ليلى ان ليلى مريضة / وأنت صحيح إن ذا لمحال
أما جميل فقال:
هي البدر حسناً والنساء كواكب / وشتّان ما بين الكواكب والبدر
لقد فضلت حسنا على الناس مثلما / على ألف شهر فضلت ليلة القدر.
وقال قيس بن ذريح: واني لأهوى النوم في غير حينه / لعل لقاء في المنام يكون.
في المقابل عمر بن أبي ربيعة كان عملياً ورأيه:
سلام عليها ما أحبت سلامنا / فان كرهته فالسلام على أخرى.
في المقابل أبو نواس كان قليل الأدب ثم خفيف الظل عالي الثقافة، وله قصائد عدة، أكثرها قصير، في جنان، ومنها:
أتاني عنك سبّكِ لي فسبّي / أليس جرى بفيكِ إسمي فحسبي.
وأيضاً:
جنان حصلت قلبي / فما أنْ فيه من باق
لها الثلثان من قلبي / وثلثا ثلثه الباقي.
وهو سخر من إحداهن وقال:
وقالت تزوجني على مهر درهم / وقلت اذهبي عني فمهرك غالي.
أبو فراس له شعر غزلي جميل منه:
وقالت لقد أزرى بك الدهر بعدنا / فقلت معاذ الله بل أنت لا الدهر.
وهو قال صادقاً:
ومن ذاق طعم الحب مثلي فانه / عليم بأن الحب مرٌّ مطاعمه.
وقصيدة إبن خلدون في ولادة بنت المستكفي لا تُنسى، فأختار بيتاً منها:
ربيب ملك كان الله أنشأه / مسكا وقدّر انشاء الورى طينا.
أحمد شوقي له قصيدة قصيرة مشهورة في أم كلثوم التي غنتها له، وأختار منها:
هيفاء كالبان يلتف النسيم بها / وينثني فيه تحت الوشى عطفاها.
وضاق المجال وعندي ألف بيت من شعر النسيب، فأقول ما قال أمير الشعراء لأم كلثوم:
يا جارة الايك أيام الهوى ذهبت / كالحلم آها لأيام الهوى آها.