على طاولة حديدية، تتوسط مشغلاً صغيراً تفوح منه رائحة الورق العتيق والحبر، يتكئُ فنان الخط الفلسطيني هاشم كلوب “56 عاما”، ممسكاً بيده قلماً أسود اللون ذا خطّ عريض، ليكمل بـ”تأنٍ” كتابة آية قرآنية بدأها.
وفور انتهائه من كتابة الآية القرآنية على ورقة كرتونية بيضاء، كبيرة الحجم، طبقاً للرسم العثماني، يبدأ كلوب بتشكيلها وفق “ المصحف ” الذي وضعه أمامه، كي يضمّ الورقة إلى جانب أُخريات كُتبت عليها –مسبقاً- سور قرآنية.
وأمضى كلوب حوالي 6 أشهر في نسخ أكثر من نصف القرآن الكريم، على أوراق الكبيرة، على أن ينهي العام المقبل، نسخ المصحف كاملاً، على ورق يبلغ طول الواحدة مترًا كاملًا، وعرضها (70) سنتيمتراً.
وتُعتبر تجربة كلوب الثانية من نوعها، إذ نسخ قبل ما يقرب ست سنوات، مصحفاً بلغ طوله (70) سم، وعرضه (50)سم، فيما استمرت مدة نسخه حوالي (5) سنوات.
ويتابع قائلاً:”نسخ القرآن الكريم ليس بالشيء السهل، رغم المتعة التي أشعر بها، لكن يجب أن يكون الإنسان دقيقا لأقصى درجة، حتّى لا يغير من كلام الله عن غير قصد”.
ويشعر كلّوب بـ”الهيبة” و”الفخر” كلّما أكمل كتابة آيات قرآنية على الورق الكرتونيّ كبير الحجم، حسب قوله.
ويبيّن كلوب أنه يمارس هوايته في “فن الخط”، كمصدر للرزق أيضاً، إذ يعمل في كتابة لوحاتِ “جدارية” مدرسية
ويوضح أن إعادة نسخ القرآن الكريم، على أوراق كبيرة الحجم، أمر “مُكلف للغاية” من الناحية المادية، إذ يبلغ ثمن اللوحة الواحدة (ربع دولار)، ناهيك عن شراء أقلام التخطيط الخاصة بالعمل.
ويضيف: “في الكثير من الأحيان، تتلف عدة لوحات، أو أعيد نسخ أخريات، خاصة إذا احتوت على أخطاء، أو إذا حدث اهتزاز للخط، فأفضّل أن يكون الخط الذي يُكتب به كلام الله من أجمل الخطوط”.
ويشير إلى أنه اعتمد في نسخه للقرآن على “الخط العثماني”، نظراً لكونه رسما سلساً في الكتابة والقراءة والتشكيل.
ويأمل كلوب أن ينهي خطّ المصحف بشكل كامل في منتصف العام القادم، مشيراً إلى أنه سيقدمه هدية لإحدى المؤسسات التعليمية في قطاع غزة، وهي الجامعة الإسلامية في غزة.
ويتابع: “الهدف من وراء نسخ القرآن هو أن يتقبل الله مني هذا العمل، وأن يكون لي صدقة جارية”، مؤكداً على “عدم وجود غاية مادية من ورائه”.