اليوم الذكرى 105 لـ”شرير” السينما المصرية ، الفنان محمود المليجي، ورغم أدوار الشر الذي ميزته، ، لكن “المليجي” حفر اسمه بين عظماء الفن حين قدم دور “أبو سويلم” في فيلم “الأرض” ليوسف شاهين.
ينتمي محمود حسين المليجي لأصول كردية، ولد في 22 ديسمبر عام 1910، في حي المغربلين بالقاهرة.
كان المليجي ابنا وحيدا لوالديه، إذ لم تكن لديه سوى شقيقة واحدة توفيت في سن مبكرة، وكان والده واحداً من أبرز شخصيات حي المغربلين، وكان يمارس تجارة الخيول العربية الأصيلة، والسيارات، كما كان يهوى سماع الموسيقى والغناء.
وغنى محمود أغانض امام ضيف لوالده، وبالفعل أعجب الضيف بصوته، ونصحه أن يتعلم الموسيقى على أصولها، ووعده أن يقنع والده بذلك.
ووفى صديق والده بوعده، لكن النتيجة أن والده ضربه بعد أن لاحظ إهماله لدراسته لأجل الفن، ومع ذلك لم يبالِ “محمود” الذي توجّه لأحد العازفين بالحي ليبدأ رحلته مع الموسيقى.
استغل الموسيقي المغمور لهفة “المليجي” وحبه للغناء، فصار يمتدحه ويبالغ بمدحه كي يستمر بالحصول على المال منه، لكن يبدو أن “المليجي” الذي كان لا يزال شابا متخبطا لم يرق له هذا المديح، فقرر أن يقيم حفلا لأصدقائه كي يسمعوا غناءه، وحين انتهى من الغناء أمامهم، قال له أحدهم: “صوتك عامل زي مدفع رمضان”.
ومنذ ذلك الحين أنهى “محمود” علاقته مع الغناء، وقرر أن يتوجه للملاكمة التي سرعان ما هجرها أيضا.
بداية مشواره الفنى
ظل محمود المليجي ضمن فرقة التمثيل في مدرسته “الخديوية” حتى اكتشفته فاطمة رشدي عام 1930 وأعجبت بتمثيله كثيرا، حين توجه مع فرقته التمثيلية المدرسية لتقديم مسرحية على مسرح الأزبكية، وحين شاهدته فاطمة رشدي وهو يقدم دوره ظنته في البداية ممثلا محترفا تعاونت المدرسة معه وليس طالبا فيها، لتقرر منذ تلك اللحظة ضمه إلى فرقتها الفنية.
ومع ذلك، بدأ مشوار المليجي الفني الحقيقي في أوائل عام 1939، حين التقى في ذلك الوقت المخرج إبراهيم لاما، الذي أسند إليه دورا في فيلم قيس وليلى، وكان أول أدوار الشر التي أداها، نجاحه الكبير في الدور، كان عاملا مشجعا لتتوالى عليه الأعمال وليحترف أدوار الشر بقية سنوات عمره.
مات وهو يمثل دور الموت!
لم يتخيل الفنان عمر الشريف وباقي العاملين في فيلم “أيوب”، أن تلك البراعة المدهشة التي يؤدي بها محمود المليجي مشهد الموت إلى حد الإبهار، هي في الحقيقة لحظة درامية “حقيقية”.
حدث ذلك حين كان المليجي يجلس مع عمر الشريف في الكواليس، ليقول له دون أن يدري، إنّ تلك اللحظات هي الفصل الأخير في حياته: “يا أخي الحياة دي غريبة جدا.. الواحد ينام ويصحى، وينام ويصحى، وينام ويشخر”، ثم مال جانباً وأغمض عينيه وهو يجسد دور النائم أثناء الشخير، وبالغ في تشخيره إلى حد أضحك كل الموجودين قبل أن يتمادى في الدور بشكل دفع عمر الشريف ليقول له: “إيه يا محمود.. خلاص!”، لكنه لم يدرِ وقتها أن المليجي قد وافته المنية، لتتحقق بذلك أمنيته في أن يموت وهو يمثل.
وحين عاد به زملاؤه إلى منزله محمولا على الأكتاف، ليجلسوه على سريره قالوا لزوجته الفنانة علوية جميل إنه متعب فقط ويحتاج إلى راحة، قبل أن يخبروها في النهاية بخبر وفاته، ليرحل محمود المليجي في 6 يونيو عام 1983، عن 72 عاما، وفي رصيده عطاء فنيا يناهز نصف قرن.