في الوقت الذي تتسارع فيه الأحداث وتشتد فيه المواجهات السياسية بين روسيا وتركيا ، تبرز أيضًا على الواجهة مشاهد تؤكد أن العلاقات الروسية الإيرانية باتت من أقوى ، وهو ما يبعث برسالة سياسية مهمة لبعض الدول خاصة تركيا ، مفادها أن موسكو وطهران باتا متقاربين في كافة وجهات النظر حول العديد من القضايا الإقليمية وعلى رأسها الأزمة السورية، و التقارب العسكري الذي ظهر في إعلان روسيا بدء التوريد الفعلي لمنظومة صواريخ “إس 300″ المتطورة إلى إيران.
فى تصريحات المسئولين الإيرانيين والروس بعد اللقاء الأخير بين بوتين و خامنئي تكشف أن “بوتين” لم يكن هدفه الأول من زيارة إيران هو حضور قمة الدول المصدرة للغاز، بل كان يسعى إلى نقل العلاقة الثنائية إلى المستوى الاستراتيجي ويبعث برسائل مباشرة وغير مباشرة لأمريكا وتركيا.
من جانبه، أعرب “خامنئي” عن تقديره للسياسة الروسية في مقاومة الغرب في أوكرانيا، كذلك أعرب لـ”بوتين” عن “قناعته بأن موقف موسكو في سوريا عزز موقع روسيا في النظام الدولي، وفي موقع بوتين وسمعته على المستوى العالمي”.
الأزمة الروسية التركية أخذت الكثير من وقت المسئولين الروسي والإيراني، حيث حرص “بوتين” على استعراض معلومات حكومته حول الدعم الذي تقدمه تركيا للمجموعات الإرهابية المسلحة في سوريا، وخصوصًا “داعش”، كما شرح “بوتين” جهود أنقرة في تجارة النفط مع هذا التنظيم وقدم معلومات تفيد بأنه في أسبوع واحد عبر الحدود التركية باتجاه سوريا نحو 2000 إرهابي مسلح ونحو 20 طنًا من السلاح.
انطلاقًا من هنا، ضمت طهران صوتها إلى موسكو في اتهام تركيا بدعم تهريب داعش للنفط السوري والعراقي، حيث أعلن أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران “محسن رضائي”، أن إيران تمتلك وثائق تشير إلى بيع نفط “داعش” إلى تركيا، وقال “رضائي”، إن “المستشارين الإيرانيين وثقوا ممرات نفط داعش إلى تركيا ويمكن نشر الوثائق”، مضيفًا أنه “إذا كانت الحكومة التركية غير مطلعة على بيع داعش للنفط إلى تركيا، فإننا مستعدون لتقديم كل المعلومات لهم عن ذلك”.
لاشك في أن هذه الزيارة ألقت الشك في قلب القيادة التركية، وهو ما دفع الجانب التركي إلى تجديد الدعوة إلى روسيا بالتحاور من أجل تضييق الخلاف في محاولة تركية لإيقاف التصعيد الروسي، حيث دعا وزير الخارجية التركي “مولود جاويش أوغلو” روسيا مرة أخرى إلى الحوار للتغلب على التوترات القائمة بين البلدين اثر اسقاط تركيا لمقاتلة الروسية فوق الأراضي السورية، وقال “أوغلو”، “بالطبع يوجد خلاف في الرأي بيننا، ولكن علينا أن نواصل الحوار من أجل تضييق الخلافات”.