نون والقلم

رسالتان من الأقصر وريهام سعيد

في الأحداث التي شهدتها مصر في الأسبوعين الماضيين رسائل تؤكد أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح.. وعلي المسئولين أن يعوا ويفهموا هذه الرسائل ولا يحاولون الالتفاف حولها.. بل عليهم تشجيعها ودعمها. لأن عبور أي مرحلة انتقالية يحتاج وعيا وفهما من الناس حتي يتم الانتقال منها الي مرحلة الاستقرار بسرعة وبأقل قدر من الخسائر.

الرسالة الأولي التي تؤكد أن الوعي العام يتصاعد أتت من الأقصر والإسماعيلية وإن كانت رسالة الأقصر أقوي لأن التحرك فيها كان لمدينة بأكملها.. وتحرك المواطنين المنظم كان قادرا علي تحريك من يجلسون في العاصمة الذين يتغاضون عما يحدث في المدن البعيدة.. وواقعة تعذيب مواطن حتي الموت كانت هي الشرارة التي كشفت عودة رجال الشرطة الي ما كانت عليه الأحوال قبل 5 سنوات وليس كما يقولون إنها أعمال فردية

والأهم في هذه الواقعة تصرف بعض ضباط وأمناء الشرطة الذين رفعوا لافتات وكتبوا علي صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي يعتذرون عما قام به زميل لهم من قتل مواطن بدون ذنب ولكن الأهم من الاعتذار أن يتعلموا الدرس وأن يكون لديهم القدرة علي التفرقة بين المواطن المحترم والمجرم وعليهم أن يعلموا أن عهد العسكري الأسود والضابط الفتوة انتهي وإلي الأبد.

التحرك في حادثتي الإسماعيلية والأقصر هو رسالة أن الشعب المصري لن يرضي بأن يتم الاعتداء عليه من أي مسئول خاصة أن وسائل فضح أي اعتداء أصبحت متاحة وسهلة وأن الوعي بالحقوق قد ارتفع وأصبح قادرا علي محاسبة أي مسئول مهما كان.

هذه الواقعة تتطلب من المسئولين في الدولة العمل علي إعادة صياغة دور أجهزة الأمن وإحياء مشروع إصلاح الداخلية الذي صدعونا به بعد ثوره يناير والتصدي للفساد والمجاملات المنتشرة في كل أجهزة الأمن في مصر.

أما الواقعة الثانية هي الجدل الذي حدث بعد الإعلان عن عودة برنامج الإعلامية ريهام سعيد.. هذا الجدل الذي حدث بعد واقعة ارتكاب الإعلامية جريمة انتهاك خصوصية فتاة.. ووقف البرنامج جاء بعد حملة شعبية قادها الشباب، خاصة الفتيات علي مواقع التواصل الاجتماعي ووصلت الي الناس خاصة الدعوة الي مقاطعة منتجات الشركات الراعية.. مما أجبر القناة التي تذيع البرنامج علي وقفه.

وعادت القناة لتعلن عن عودة البرنامج مرة ثانية وانطلقت الدعوات مرة ثانية تدعو الي مقاطعة القناة والشركات الراعية ولابد أن نشير الي أن المقاطعة الشعبية لأي منتج هو سلاح أقوي من القانون لأن المقاطعة تعبر عن رفض المجتمع لهذا المنتج.. فلو عاد البرنامج لن يشاهده العدد الذي كان يشاهده في السابق حتي لو تم تغيير السياسة التحريرية.. كما ستفقد الشركات الراعية جزءا كبيرا من زبائنها.

الرسالة المهمة أن الشباب المصري أصبح قادرا علي الاختيار وأن المصريين تخلصوا من عهود الوصايا التي كانت تفرضها الحكومات  وعلي المسئولين سواء في الدولة أو القنوات الإعلامية أو الشركات الكبري، احترام عقلية المصريين فالشعب قادر علي معاقبتكم.

وفي الواقعتين رسالة إلي الحكومة واضحة هي أن المكاشفة والمصارحة هي الطريق الوحيد لكسب ثقة الناس.. ومحاسبة المخطئ مهما كان تؤكد هذه الثقة وتدعم عملية الانتقال السريع الي مرحله الاستقرار.. والمصارحة والمكاشفة تتطلب مسئولين لديهم رد فعل سريع وتحرك أسرع.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى