دعا عضوا مجلس الشيوخ الأميركي جون ماكين، وليندسي غراهام الأحد الماضي، إلى «تشكيل قوة من مئة ألف جندي أجنبي، معظمهم من دول المنطقة السنّية، إضافة إلى جنود أميركيين، لقتال تنظيم داعش في سورية».
هذه الفكرة ليست جديدة، وزير الخارجية الأميركي جون كيري قال بداية أيلول (سبتمبر) الماضي، كلاماً مشابهاً، وهو عبّر عن اقتناعه بأن دولاً في الشرق الأوسط سترسل «في الوقت المناسب» قوات برية إلى سورية لقتال التنظيم، وأضاف: «أنا مقتنع بأنهم سيكونون هناك، عندما يحين الوقت المناسب». لكن اللافت في معاودة طرح الفكرة، هو قول ليندسي غراهام: «سيتمكن العرب السنّة من السيطرة على جزء من سورية يلقون فيه ترحيباً» بعد خروج التنظيم منه. هنا يكمن الفخ.
هذه الدعوة المتكرّرة تبدو منطقية للوهلة الأولى، كأن واشنطن قرّرت ترك حل الوضع في سورية للعرب والمسلمين. لكن هذه الدعوة لم تشر إلى أن هدف القوات «السنّية» هو إخراج نظام بشار الأسد، ولمّحت إلى أن هدفها هو السيطرة على المناطق التي توجد فيها غالبية سنّية. وفي شكل أوضح، مهمة القوة المفترضة ستكون مواجهة «داعش»، وتحرير المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، باستثناء الأجزاء الممتدة من حمص حتى حلب مروراً بحماة، وهو الطريق الذي يشكل الحدود المطلوبة للدولة العلوية المنتظرة.
هذه الدعوة هدفها سكب مزيد من الزيت على النار السوريّة، وتصعيد التوتر والاقتتال بين العرب، وبغطاء مذهبي، فضلاً عن أن القوات العربية المقترحة، ستصبح شاهد زور على تقسيم سورية، وتكرّس الصراع المذهبي في المنطقة. وستجد إيران وحلفاؤها في هذا التدخُّل فرصة لتصعيد الحرب المذهبية بين العرب، على نحو يحقِّق تطلعاتها القديمة.
دخول قوات عربية وسط هذا الصراع العسكري الدولي الملتبس في سورية، هو محاولة لتوريط دول عربية بحرب مذهبية ربما تمتد عقوداً، وجعل الإرهاب يرتدّ عليها وحدها، وإجبارها لاحقاً على القبول بالأمر الواقع، وتقسيم سورية، كحل لوقف الحرب على شعبها.
سورية هي مركز النظام الإقليمي، والسيطرة عليها تعني التحكُّم بمنطقة الشرق الأوسط، وتنافس الدول الكبرى على المشاركة في أزمتها يؤكد ذلك. سورية لن تعود كما كانت، وترك أزمتها بلا حل طوال سنوات، كان هدفه إنهاك تطلعات السوريين والعرب. لكن تورُّط دول عربية بحرب على الأرض سيضاعف النتائج الرهيبة المتوقّعة، وينقل الحرب، فضلاً عن الإرهاب، إلى دول أخرى عربية.