بمناورات عسكرية تجاوزت الحدود المرسومة بين الدول ، والصراع الروسى مع الأمريكي فيما يتعلق بالأزمة السورية لا يحتمل الهدنة فالمناورة في البحر المتوسط التي تستغرق ثلاثة أيام متتالية، تعكس الفجوة الكبيرة بين الدول الكبرى التي تتبارز على حماية مصالحها.
روسيا جادة في محاربة الإرهاب
بدأت في شرق البحر المتوسط مناورات للقوات البحرية الروسية عند مثلث بحري يقع بين سوريا ولبنان من جهة الشرق وقبرص من جهة الغرب، حيث تستمر ثلاثة أيام وتشارك فيها ست قطع بحرية بقيادة الطراد الصاروخي الثقيل “موسكفا” الذي يقود التشكيلة البحرية الروسية في المتوسط، تحركات تكشف عن أن روسيا اتخذت قرارا دونما رجعة بمحاربة الإرهاب.
مبدأ السيادة لا يتعارض مع مكافحة الإرهاب
شكّلت الضجة الواسعة التي أثارها طلب روسيا من سلطات الملاحة المدنية اللبنانية حظر الرحلات الجوية من مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي وإليه ثلاثة أيام بدءا من منتصف الجمعة الماضي، ما أدى بالحكومة في لبنان لتغيير مسار الرحلات الجوية استجابة لهذا الطلب، تطورا جديدا غير مألوف لا في تحركات روسيا بالبحر الأبيض المتوسط، ولا في التداعيات التقليدية الأمنية والعسكرية للحرب السورية على المنطقة عموماً ولبنان على وجه الخصوص.
البحر المتوسط منطقة عمليات روسيا
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبعد إعلان فرنسا حملتها على “داعش” أمر القادة العسكريون الروس المعنيين بالتعامل مع الفرنسيين “كحلفاء” لدى وصول سفنهم إلى منطقة نشاط السفن الحربية الروسية شرق المتوسط، ويرى مراقبون أن كلام بوتين بالتعامل مع فرنسا “كحلفاء” يعني سماح روسيا بالولوج الفرنسي بالبحر المتوسط ولكن تحت المظلة الروسية، وكأنها رسالة استباقية لفرنسا وغيرها، بأنه من المسموح الدخول إلى البحر المتوسط طالما أن هذا التدخل يأتي في سياق محاربة الجماعات الإرهابية فقط.
الرد على مناورات الناتو
أجرى شمال الأطلسي وحلفاؤه الاثنين 19 أكتوبر الماضي أكبر تدريب عسكري ، في استعراض للقوة وسط البحر المتوسط، حيث شارك في التدريب 36 ألف جندي و230 وحدة عسكرية و140 طائرة وأكثر من 60 سفينة وعلى ما يبدو بأن رسالة الناتو المبطنة لروسيا بوجودها كمراقب على البحر المتوسط لم تلق قبولا روسياً، خاصة أن عملياتها الجوية في سوريا تعد تحولا صعبا في المنطقة بالنسبة لموسكو وللحلف الأطلسي، حيث يختبر الناتو قدرته على الصمود أمام موسكو عن طريق المناورات دون السعي لمواجهة مباشرة، وهو ما رد عليه الروس أيضاً بمناورات في المتوسط، ما يؤكد أن حالة من الاستقطاب يفرضها الملف السوري والاكتشافات الجديدة لحقول الغاز في المتوسط بين روسيا والناتو، والجميع يحاول استعراض القوى دون الدخول في معركة حقيقية وهو ما تحققه هذه المناورات حتى اللحظة، فرسالة روسيا والتي على الناتو استيعابها أن البحر المتوسط لم يعد بحيرة أطلسية.