نون والقلم

مخاطر هدمت القناة

سؤال قد يتبادر إلي أذهاننا- هذه الأيام- ونحن نحتفل بافتتاح القناة الجديدة.. السؤال هو: تري ماذا لو لم ننفذ هذا المشروع، وما هي تأثيرات ذلك، علي الأمن القومي المصري.. والأمن القومي العربي؟

أخبار ذات صلة

ببساطة.. كانت هناك مخاطر عديدة تهدد الوطن المصري.. بل وتهدد بتحويل قناة السويس إلي مجرد تاريخ.

<< وهنا نتذكر المشاكل التي عاشها العالم طوال 8 سنوات منذ تم إغلاق القناة صباح يوم 5 يونية 1967.. وإلي أن عادت القناة للحياة يوم 5 يونية- أيضاً- ولكن من عام 1975.. إذ خلال هذه السنوات الثماني عانت التجارة العالمية من كوارث رهيبة، أبرزها أن السفن عادت للدوران حول رأس الرجاء الصالح، في أقصي جنوب إفريقيا مما رفع أسعار السلع بسبب طول مدة الإبحار وبسبب تكاليف تشغيل السفن من وقود وتبريد وأجور بحارة وعمال.. وحتي تواجه شركات السفن هذه الكارثة، لجأت إلي بناء السفن العملاقة سواء كانت ناقلات للبترول.. أو سفن المواد الصب من القمح والذرة والفحم.. وخام الحديد أو سفن الحاويات.

بل ونعيد للذاكرة أن مصر عندما فقدت موارد عبور التجارة العالمية بالطريق البري من الإسكندرية إلي السويس، باكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح.. ضعفت امكانيات الجيش المصري.. وبالتالي انهزمت مصر عسكرياً في مرج دابق عام 1516 وخضعت للاحتلال العثماني من عام 1517 ولمدة ثلاثة قرون، إلي أن جاء محمد علي باشا عام 1805.

<< المهم أن القناة القديمة تعرضت لفترات عصيبة.. بل وخرجت العديد من الأفكار لإنشاء قناة أخري بين خليج العقبة جنوباً إلي شاطيء البحر المتوسط عند أشدود أو عسقلان «جنوب حيفا» وهي فكرة صهيونية إسرائيلية.. رغم التضاريس والجبال التي تعترض هذا المسار.

وظلت قناة البحرين هاجساً يهدد القناة المصرية.. إذ لا تمثل التكاليف العالية لهذا المشروع أي مشكلة بسبب سيطرة رجال المال والأعمال اليهود علي الاقتصاد العالمي، ولكن مشاكل المرتفعات كانت العقبة الأكبر.. وطبعاً هذا المشروع- أي قناة البحرين- تحول كفكرة إلي مد خطوط لنقل مياه البحر الأحمر إلي بحيرة طبرية وبالذات إلي البحر الميت المعرض الآن للجفاف بسبب انخفاض كميات المياه الساقطة فيه.

<< ولكن الخطر كله- كان- يكمن في مشروع النقل بالسكك الحديدية من إيلات علي خليج العقبة إلي أشدود علي البحر المتوسط.. ولكنه مشروع خيالي، وتعالوا نشرح ذلك:

نتصور سفينة حاويات عليها حاويات حمولتها بين 300 ألف و400 ألف طن كم تحتاج هذه الحمولة من عربات قطارات بالسكك الحديدية.. وكم تتكلف عملية النقل بهذه الوسيلة، وكم تستخدم القاطرات من وقود سائل أو حتي لو استخدموا قطارات كهربائية.. بينما تستطيع هذه السفينة أن تمر بقناة السويس الجديدة بكل حمولتها بعد اختصار وقت انتظارها دون حاجة إلي رافعات عملاقة لتستطيع تفريغ هذه الحاويات من السفينة إلي عربات السكك الحديدية.. ثم إعادة شحنها من القطارات إلي السفن!

<< هنا نستعيد إلي الذاكرة لماذا رفض محمد علي فكرة حفر القناة وقال انه يمكن تقديم تسهيلات للنقل بالسكك الحديدية.. وهو ما فكر فيه، بل ونفذه حفيده عباس حلمي الأول الذي تولي حكم مصر بعد وفاة عمه إبراهيم باشا يوم 24 نوفمبر 1848.

فقد بدأ «عباس» بإصلاح الطريق بين القاهرة والسويس ورصفه بالحجارة لتسهيل سبل المواصلات البرية إلي الهند عن طريق مصر وسرعة نقل البريد البريطاني.. ثم كان الاهتمام بمد السكك الحديدية من الإسكندرية للقاهرة.. ثم إلي السويس، وبدأ هذا المشروع عام 1852 بواسطة المهندس البريطاني «ستفنسون»، وتم هذا المشروع في عهد خليفته- وعمه- الوالي محمد سعيد وكان ذلك هو أول خط للسكك الحديدية في مصر.. الذي تم عام 1856 أما خط القاهرة- السويس فقد تم عام 1858.

<< ولكن شتان بين حمولة التجارة العالمية البحرية أيام محمد علي و«عباس» و«سعيد» وحمولة السفن الآن.. وبالتالي مهما كانت حمولة السكة الحديد لو نفذت إسرائيل هذا المشروع فإنه لن يهدد قناة السويس أبداً، وجاءت القناة الجديدة، وما سوف يتبعها من مشروعات سواء لتطوير القناة أو تعمير المنطقة لتوقف المشروع الإسرائيلي، سواء بشق قناة ملاحية أو بمد خطوط للسكك الحديدية.

<< بشرط أن ننطلق ونواصل عمليات تعميق القناتين وتوسيعهما وكذلك التفريعة الجديدة شرق بورفؤاد.. وكلما توسعنا في ذلك وأسرعنا.. أجبرنا إسرائيل علي إيقاف مشروعاتها وبالتالي نحمي الأمن القومي المصري.. وأيضاً الأمن القومي العربي.

نقلا عن صحيفة الوفد المصرية

أخبار ذات صلة

Back to top button