“نحن على مسافة أسابيع نظرياً من احتمال انتقال كبير في سورية، وسنواصل الضغط في هذه العملية نحن لا نتحدث عن أشهر وإنما أسابيع، كما نأمل”، هذا التصريح جاء على لسان وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الثلثاء الماضي، في باريس.
قضية الأسابيع كانت تتردد في بداية الأزمة السورية. ومع مرور الوقت اكتشفنا أن أسابيع السياسيين تختلف عن أسابيع البشر. اليوم عاود كيري قصة الأسابيع، وشدّد عليها، مبشّراً بتسوية بين «الحكومة السورية وأعضاء من المعارضة السورية « قبل نهاية السنة.
الحرب في سورية في منتصف عامها الخامس. قُتِل فيها أكثر من 250 ألف إنسان، وشُرِّد الملايين، وخُرِّب البلد الذي أصبح ساحة لاقتتال لا علاقة للسوريين به، ولم يتحرك العالم لإنقاذ الشعب السوري من البراميل المتفجّرة، والإرهاب المتوحش. لماذا الآن؟ ولماذا تأتي هذه «البشارة» على لسان الوزير الأميركي وليس على لسان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي تضررت بلاده من إرهاب «داعش»؟ لماذا تجاهل هولاند الحديث عن نظام الأسد في خطابه أمام البرلمان الفرنسي، وقال عدونا «داعش»، وكأن نظام بشار الأسد ضحية، وليس داعماً، ومستخدماً للمليشيات الإرهابية في حربه على شعبه؟ كيف نفسّر قول كيري إن «وجود إيران وروسيا على طاولة المفاوضات خطوة فريدة من نوعها»؟ هل يعني هذا أن الدول الغربية استطاعت بعد أحداث باريس إقناع الروس والإيرانيين بوقف قتل السوريين، وفرض حل في شكل عاجل؟ ما هو هذا الحل، ومَنْ هم «بعض المعارضة السورية»، الذين قال كيري أنهم سيجلسون إلى طاولة مفاوضات مع نظام بشار؟ ما هو دور تركيا والسعودية في الانتقال السياسي الكبير الذي سيتحقق خلال الأسابيع المقبلة؟
يبدو أن أسابيع كيري ستكون أسوأ من سابقاتها، إذا أتى الحل المرتقب على حساب غالبية الشعب السوري، وهو الأرجح. فوصف وجود إيران، في المفاوضات الجارية، بأنه فرصة فريدة، على رغم أنها كانت خارج المشاورات السياسية التي أُجرِيت في السنوات الأربع الماضية، يشير إلى أن الانتقال الكبير الذي لوّح به جون كيري، سيفضي إلى انفجار أكبر، يتعدّى سورية، وربما يصل إلى دول أخرى عربية.
نبرة التفاؤل في حديث وزير الخارجية الأميركي، لا تعني أن الدول الغربية جدية في الوقوف إلى جانب الشعب السوري. وجود إيران إلى طاولة المفاوضات، وهي شريك في قتل السوريين يوحي بأن «المعارضة» التي يجري الحديث عنها، صورة أخرى للنظام. «المعارضة» التي تقبلها طهران وموسكو لا تمثّل السوريين. لذلك سيكون الحل المقبل صفقة يصعب التكهُّن بتداعياتها الخطيرة على الوضع في سورية. كأن أسابيع كيري تُنذِر باستمرار الحرب هناك لسنوات، وعلى نحو أشد دموية وقسوة. أَخرِجوا إيران من سورية ينتهي الإرهاب، ويموت «داعش».