تَذكر الجغرافية أن سلطنة عُمان تقع في غرب آسيا، محتلة الموقع الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية، يحدها من الغرب السعودية ومن الجنوب الغربي اليمن ومن الشمال الغربي الإمارات العربية المتحدة، متمتعة بساحل جنوبي يطل على بحر العرب وبحر عمان من الشمال الشرقي.
أما تاريخياً، فقد اشتهرت عُمان منذ آلاف السنين بأنها محطة تجارية مهمة، وعرفت في النصوص السومرية المكتشفة في بلاد الرافدين.
وفي العصر الراهن، تحديداً في العام 1970 تولى السلطان قابوس بن سعيد الحكم في البلاد، لينطلق بالسلطنة إلى آفاق جديدة، وإبرازها تدريجياً على الخارطة السياسية والاقتصادية والسياحية والثقافية في العالم، حتى صارت سلطنة عُمان اسماً بارزاً، ومثيراً للجدل والتحليلات أيضاً.
الجذب السياحي، نظراً لما تتمتع به السلطنة من جمال بيئي خلاب ثري بالتنوع بين جبال وغابات وسهول وصحارى، سمة ميزت عُمان عن دول المنطقة، كما أن إرثها التاريخي جعلها غنية بالثقافات الزاخرة بأنواع الفنون والحرف والتقاليد التي تروي حكاياتها عبر الأزمان.
السلطنة، وعبر حاكمها السلطان قابوس، عُرفت بوسطيتها في سياستها الخارجية، وموازنة علاقاتها مع محيطها الخارجي، وبرغم انتمائها إلى مجلس التعاون الخليجي، لكن عُمان لم تشترك ضمن القوات العربية التي تقاتل مليشيا الحوثي وقوات الرئيس المخلوع صالح لتدعيم الأمن الداخلي اليمني، بناءً على طلب الرئيس الشرعي، عبد ربه منصور هادي.
إلا أنها لم تقف موقف المتفرج، بل قامت بدور الوسيط في محاولة لإيجاد حلول في الأزمة اليمنية، عبر الطرق الدبلوماسية، وهو الأسلوب الذي برزت فيه السلطنة مؤخراً، لتشتهر من خلالها بأنها اللاعب الناجح في الوساطات الدولية، لا سيما المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط.
وبرزت عُمان بشكل ملفت في أهم القضايا التي عرفها القرن الواحد والعشرون، ومن بينها الملف النووي الإيراني، مستغلة علاقاتها الجيدة مع إيران وأمريكا.
وبرر وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، في مقابلة مع قناة CNN الأمريكية سياسة بلاده، بعد اتهامها بالانحياز لجانب إيران، قائلاً: “نحن لا ننحاز لهذا الجانب أو ذاك، بل نحاول أن ننقل لكلا الطرفين ما نعتقد أنه جيد بالنسبة لهما”.
وعلى هذا الأساس شملت الوساطة العمانية الأزمات والصراعات التي توصف بالصغيرة، حيث كان لمسقط دور مهم في إطلاق سراح الرهينة الفرنسية إيزابيل بريم المخطوفة في اليمن أوائل أغسطس/ آب الماضي، بعد أن كانت محتجزة منذ فبراير/شباط 2015.
وعرفت مسقط بدخولها وسيطاً بين الحوثيين، الذين يسيطرون على أجزاء من اليمن، ومندوبين عن الولايات المتحدة. وأوضح وزير خارجية عُمان أن تحركات بلاده تنطلق من “رغبة عمان في أن يعم السلام في المنطقة”.
ولم يكن حياد السلطنة طارئاً أو حديث عهد، فمسقط تمسكت بموقفها المحايد من الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، وكانت كذلك الدولة العربية الوحيدة التي لم تقاطع مصر السادات بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، من دون أن يؤثر ذلك على علاقاتها مع الدول العربية الأخرى.
اليوم الموافق للثامن عشر من نوفمبر/تشرين الثاني، يوم مميز بالنسبة لمواطني سلطنة عُمان، حيث يحتفلون بمحطة أساسية في تاريخهم الحديث، قبل 45 عاماً، حفر خلالها السلطان قابوس أسس بناء جديد لدولة جديدة، لا تزال تتلمس طريقها الإقليمي عبر تفاهمات لم تصل حد التحالف، لكنها لا تغرد خارج السرب العام.