يحكى أن سجينا محكوم عليه بالإعدام، و كان يوم الغد يوم تنفيذ الحكم… في المساء جاء عنده الملك و قال له: إن في زنزانتك سبيل للهرب ابحث عنه، فان وجدته اهرب و سيسقط عنك الحكم، فرح السجين لأنه رأى بصيص أمل يلوح لنجاته، و تحمس للبحث عن هذا المنفذ، فبحث عن نوافد أو أنفاق وأمضى ساعات وساعات في الحفر والبحث ولم يستسلم، يحفر ويحفر و يحفر علَّه يجد منفذا، يجول و يجول في زنزانته علَّه يجد نافذة أو منفذاً للهروب إلى أن……طلع الصباح ولم يجد المخرج….،حان وقت تنفيذ الحكم و إذا بالملك عنده وقال: هل وجدت المخرج؟، رد السجين: لا، فقال له الملك: إن باب الزنزانة كان مفتوحا طول الليل غير انك لم تنتبه هيا سر لينفذ بك الحكم….و انتهت القصة
العبرة: الناس غالبا يبحثون عن أصعب الطرق، يظنون أن فيها حلاً لمشاكلهم، في حين أن الحلول قد تكون أمام أعينهم و لا يفكرون فيها أو ينتبهون لها….
هذه القصة فيها الكثير من التطابق النسبي على الواقع العراقي، فالعراق ومنذ الاحتلال الذي باركته ودعمته المرجعية وما رشح عنه من قبح وظلام وفساد وحكومات طائفية فاسدة تسلَّطت ببركة وحكمة السيستاني وفتاواه، تحول إلى معتقل تمارَس فيه أبشع أنواع التعذيب والإذلال والابتزاز والإعدام اليومي بحق العراقيين، وفي المقابل تغييب وإقصاء الحلول التي طرحت من قبل الأصوات الوطنية المخلصة، وفي طليعتها الحلول الجذرية التي طرحها المرجع العراقي الصرخي، لأنها لا تنسجم مع مشاريع دول الاحتلال وعلى رأسها إيران ومرجعياتها الكهنونتية،ليبقى الشعب العراقي رهين الاعتقال ودوامة القتل والحرمان…
وبعد أكثر من ثلاثة عشر سنة من الانقياد المُذِّل قرَّر الشعب المسجون كسر جدار الصمت فخرج بتظاهرات سلمية للمطالبة بأبسط حقوقه المسلوبة، ومحاربة الفساد ومحاكمة المفسدين،وفي ظل سياسة التخدير والتغرير والتسويف والمماطلة التي ينتهجها العبادي والمرجعية مع مطالب المتظاهرين وحالات القمع والقتل والخطف والابتزاز الذي يتعرض لها الناشطون والمتظاهرون، يحاول العراقيون ومن تضامن معهم من الشرفاء في الداخل والخارج بالبحث عن مخرج لإنقاذهم وخلاصهم، لكنهم لم يصلوا بعدُ إلى المخرج الحقيقي والحل الجذري، بالرغم من كونه بين أيديهم متمثلا بمشروع الخلاص الذي طرحه المرجع الصرخي لإنقاذ العراق، يتضمن أحد عشر بندا، شدد فيها على ضرورة أن تتبنى الجمعية العامة للأمم المتحدة مسؤوليتها في إدارة شؤون العراق لقطع دابر أي تدخلات خارجية، مع التزامها بتنفيذ القرارات التي نصَّ عليها مشروع الخلاص، كما تناول مسالة النازحين فطرح الحل الأول العاجل لقطعَ الطريق فيه على الانتهازيين، وسد الباب أمام موجات القتل والاستهداف التي طالتهم، ودعا إلى حلُّ الحكومة والبرلمان لفشلهما وفسادهما، وتشكيل حكومة خلاص مهنية خالية من أيٍ من أولئك المتسلطين السابقين، وإبعاد عنوان الطائفة والقومية او غيرها عن عملية الاختيار والتقييم، وبناء منظومة عسكرية تعتمد المهنية والكفاءة والولاء للعراق في أدائها، مشددا على ضرورة إبعاد وإخراج إيران من اللعبة في العراق، من خلال صدور قرار صريح وشديد اللهجة، كما جاء في البند العاشر. …
ألا ينبغي أن لا نكون مثل ذلك السجين الذي اتعب نفسه في البحث عن مخرج لا أمل له فيه للنجاة؟، فيكفي أن ندور في حلقات مفرغة من أي حلول حتى لو كانت ورقية، والوضع آل ويؤول من سيئ إلى أسوأ، فمشروع الخلاص هو كالباب الذي تركه الملك مفتوحا لذلك السجين للخروج، وإذا ما أراد العراقيون النجاة فليبذلوا جهودهم من اجل تطبيق بنود المشروع الذي قدمه لهم المرجع الصرخي على طبق من ذهب خصوصا إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن التجربة والواقع اثبت بدرجة لا يشوبها الشك أن ما طرحه ويطرحه المرجع الصرخي من حلول ومبادرات وقراءات كانت في منتهى الدقة والواقعية والتمامية.