فيما يحاول الفرنسيون تدارك تداعيات اعتداءات باريس التى خلفت 129 قتيلا، يعيش مسلمو فرنسا كابوسا آخر تتصارع فيه مشاعرهم بين الحزن على الضحايا والقلق حول مستقبلهم فى هذا البلد الذى يضم أكبر جالية إسلامية فى أوروبا.
ويخشى الكثير من مسلمى فرنسا، خاصة الشباب، أن يتم تحميلهم مسئولية الأحداث الأخيرة، وأن يعتبر داعش ممثلا لدينهم أمام الفرنسيين، خاصة بعد إعلان أسماء ثلاثة من المسلمين الذين شاركوا فى المجزرة.
وداخل أحد المقاهى التونسية فى العاصمة الفرنسية يمكن استشعار الجو الباريسى المضطرب، إذ يسود بين المجتمعين جو عام من الحزن على القتلى والخوف على المستقبل. وقال كابر بوشوشة، الذى يعمل فى سوبر ماركت لينفق على دراسته، لصحيفة “جارديان” البريطانية: “أخشى أن يظن الفرنسيون أن الاسلام فعل هذا، وأن كل المسلمين إرهابيون”.
وأضاف الشاب العشرينى “الناس فى فرنسا ينظرون إلينا بالفعل نظرة سيئة.. هناك عنصرية تجاهنا والآن ستكون أسوأ”.
على المقعد المقابل، يرى سفيان (30 عاما)، والذى يعمل سائق سيارة إسعاف ولديه زوجة مسيحية: ” أنا مندمج جيدا فى المجتمع، ولدى الكثير من الأصدقاء الفرنسيين، ولكنى أخشى على تأثيرات الحادث على المسلمين بشكل عام”.
ويرى عدد من المحللين أن الحوادث الإرهابية المتوالية، والتى تركزت خصوصا فى فرنسا، بالإضافة إلى الصراع السورى، سيكون له تأثير واضح على مسلمى فرنسا.
وبصفة عامة، يعانى مسلمو فرنسا من تهميش كبير وفقر، وقال خبير شئون الأمن القومى لدى شبكة (سى.إن.إن) الأمريكية، بيتر بيرجن، إن “70% من السجناء فى فرنسا هم من المسلمين، وهذا يعتبر رقما غير عادى ويظهر أن هذه المجموعة مهمشة ويوجد فيها مجرمون فقراء”.
أما ديفيد جاردينستين روس، وهو ناشط فى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، فقال: “المتشددون يبحثون عن فجوات وعن الذين يشعرون بأنهم لا يحصلون على حصة عادلة ويحاولون تجنيدهم لاستقطاب المزيد من الأشخاص لأهدافهم”.
وجاءت هذه التصريحات بعد إعلان المدعى العام الفرنسى، فرانسوا مولينز، أن أحد المهاجمين هو فرنسى وتطرف داخل البلاد فى الضواحى الجنوبية للعاصمة باريس واعتقل ثمانى مرات وله سجل إجرامى.