نون والقلم

سوريا.. مصيدة جنرالات إيران

لا أعرف ما إذا كان السيد حسين أمير عبداللهيان مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية يخدعنا أم يخدع نفسه، عندما يُصرِّح لصحيفة كيهان الإيرانية مُعلِّقًا على تصريح الدكتور عادل الجبير، حول وجود مقاتلين إيرانيين في سوريا بأن “هذه مزاعم”! المصيبة أعظم إذا كان اللهيان لاهيًا، ولا يعلم عمّا يحدث في سوريا، وعن سقوط صفوة القيادات العسكرية الإيرانية هناك، وعن مشهد تشييع عشرات الجنائز القادمة من سوريا، والتي تنقلها وسائل إعلام بلاده، ويشارك فيها كبار رجال الدولة، دعونا نُعِده إلى أرشيف إعلام بلاده، فموقع «تير برس» الإيراني، ذكر بأن الحرس الثوري خسر 420 قتيلاً في سوريا، كما كشفت مصادر قيادية إعلامية في ميليشيا حزب الله اللبناني لوكالة «أكي» الإيطالية «أن إيران خسرت في سوريا 60 جنرالاً رفيعي المستوى، ولم تعلن إيران سوى عن 18». وإذا لم يكن حسين همداني قد قُتل في سوريا، فأين قُتل؟ همداني على حد قول السيد محمد علي الجعفري رئيس الحرس الثوري، أُرسل إلى سوريا ليتولّى دورًا مركزيًّا في تأسيس قوة الشبيحة، وتدريبها للتعامل مع الانتفاضة الشعبية السورية بعنف.. ألم يؤدِّ «عبداللهيان» واجب العزاء في الجنرال رضا خاوري قائد مجموعة «الفاطميون» بالحرس الثوري، والجنرال محمد علي اللهدادي الذي قتل مع ستة قياديين من حزب الله، والعقيد مسلم خيزاب قائد فوج «يا زهراء»، ونادر حميد المسؤول في قوات الباسيج، وفرشاد حسوني زادة القائد السابق لـ»لواء الصابرين» وغيرهم كثير، كل أولئك قُتلوا إلى جانب المئات من ضباط الصف الإيرانيين في الأراضي السورية على أيدي الجيش الحر.

وحينما يتحدث “الجبير” عن وجود مقاتلين إيرانيين في سوريا، فهو يتحدّث عن حقائق ملموسة على الأرض، لا تخفى حتى على رجل الشارع الذي بات على علم بأن إيران لم تكتفِ بدعمها السياسي واللوجستي، وتدخلها السافر في الأراضي السورية فقط، بل وجنّدت مرتزقة للدفاع عن النظام السوري تحت مسمّياتٍ عدة، مثل لواء “فاطميون” الأفغانية، و”زينبيون” الباكستانية، وآخرين من بنجلاديش، بالإضافة إلى ذراعها في الشام ميليشيا حزب الله.

لقد وصل بالنظام الإيراني في سوريا إلى درجة أن يملي سياساته بعد أن أطبق على النظام، وجعله مُسخَّرًا لتنفيذ أوامره، حيث طلب النظام الإيراني من الأسد أن يرفض مشاركة اللاجئين السوريين الذين فرّوا إلى الخارج من حق المشاركة في الانتخابات، لعلمهم بأن هذا البند يُعدُّ أحد البنود التي صدرت عن اجتماع فيينا 2، والذي يدعو إلى جمع ممثلي الحكومة والمعارضة ليختاروا حكومة مؤقتة شاملة، وغير طائفية تضع دستور البلاد، ومن ثم تُجرى انتخابات بإشراف الأمم المتحدة، يشارك فيها السوريون، بما فيهم المغتربون. والإيرانيون يدركون بأن النتيحة لن تكون في صالح حليفهم إذا ما تم احتساب أصوات المغتربين الذين يربو عددهم على 12,5 مليون لاجئ. والمستقبل على أية حال، يشير إلى زوال الأسد، إمّا بالحلّ السياسي -كما قال الجبير- أو العسكري، وسيجر الإيرانيون -ومعهم الروس- أذيال الخيبة.

نقلًا عن جريدة المدينة السعودية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى