دعوة لوأد محاولات العبث بالشأن الداخلى المصرى واتقاء الانزلاق إلى مستنقعات الشقاق والتلاسن المقيت
كيف يتوهم كاتب نفسه خبيراً فى الانتخابات مشككاً فى إجراءاتها .. ولم يسبق له ممارستها أو تعلم أدبياتها؟!
قناة السويس ملحمة تحدً شعبية ورسالة سياسية تاريخية ومشروع عملاق لو شئنا تمويله من الخارج لتدفقت علينا أضعاف ما نريد
شعب مصر يجنى ثمار الإصلاح بشهادة مؤسسات التصنيف الائتمانى الدولية .. وأزمة الاقتصاد أكذوبة إخوانية
يسألنا: ماذا لو لم تتحقق وعود “السيسي” بتخفيض الأسعار ونتحداه أن يجرؤ على الحديث عن أسباب العجز الضخم فى ميزانية بلاده
الغرب حسم الصراع الإقليمى بالاتفاق النووى مع إيران ولم يعد مقبولاً الاستمرار فى رهانات “الملف السورى” المذهبية الخاسرة
فى المملكة العربية السعودية.. كما فى مصر ودول أخرى غيرهما.. أشباه كتاب.. وأشباه اعلاميين.. يعيشون ويسترزقون من ترويج أنفسهم كأبواق أو أقلام «مقربة من دوائر صنع القرار».. أو محسوبة على السلطة.. تنطق بلسانها.. أو تكتب بوحى من أفكارها.. وهم فى حقيقة الأمر أبعد ما يكونون عن هذه المكانة الوهمية التى يصنعونها بأنفسهم ليحموا بها شذوذهم وشططهم.. مستغلين حالة «السيولة» الاعلامية فى عصر السموات المفتوحة والانترنت الذى صار فيه كل من يملك «آلة تواصل» يظن أنه «فارس عصره وزمانه» (!!) بل إنهم يتمادون فى غيهم «عندما ينشغل عنهم ولاة أمورهم.. ليس رضًا عن عبثهم.. وإنما اتقاء لمغبة الانزلاق إلى مستنقعات الجهل والغباء والعداوة والتلاسن المقيت الذى يتغذى عليه هؤلاء الطفيليون فتزداد ذواتهم انتفاخًا وكروشهم اتساعًا لمزيد من الغنائم والكنوز (!!).
فى لقاء بمقر سفارة خادم الحرمين الشريفين بالقاهرة.. دار حديث بين السفير السعودى أحمد قطان وبين مجموعة من رؤساء التحرير.. شرفت بأن أكون أحدهم.. ولم يخل الحديث من كلمات عتاب وجهها السفير إلى بعض الكتاب المصريين الذين ينتقدون سياسات سعودية.. خاصة ما يتعلق بموقف المملكة من الصراعات الاقليمية المحتدمة.. وأهمها القضية السورية.. ويومها أجمع رؤساء التحرير على أن هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم.. وأننا لا نقبل أن يتمادوا فى انتقاداتهم إلى حد ارتكاب خطيئة الخوض فى الشئون الداخلية للملكة الشقيقة.. مثلما لا نقبل ما بدر من بعض الكتاب السعوديين «المقربين» ومنهم الكاتب جمال خاشقجى الذى دأب تجاوز حدود النقد المقبول فى تناوله للشأن المصرى وانحيازه الفاضح للإخوان المسلمين.. لدرجة أن يكتب بجرأة يحسد عليها أن «المملكة العربية السعودية لم تعد ترى الإخوان تنظيمًا إرهابيًا فى مصر».. وهو أيضًا من سبق له أن انتقد الضربة الجوية التى وجهها الجيش المصرى إلى داعش ليبيا انتقامًا لذبح الأقباط المصريين.. وكتب يومها بلهجة تنم عن حقد وكره دفين: «إن من يحب مصر ويدرك واقعها السياسى وقدرتها العسكرية لابد أن يمنعها من الوقوع فى فخ داعش وجرها إلى حرب فى ليبيا»!! وأضاف فى وقاحة متناهية: «إن لدى مصر ما يكفيها من المشكلات.. ومحبة مصر أن نبعدها وننصحها بعدم الوقوع فى نكسة أخرى».. ليعاير الجيش المصرى بنكسة 1967 متوهمًا قدرة «عصابات داعش» على هزيمته!!
«خاشقجى».. وخرافة الإعلام السعودى المؤثر
جاء رد السفير السعودى حادًا.. وحاسمًا.. قال: إن خاشقجى ليس مقربًا من صانعى القرار فى المملكة مثلما يشيع.. وانه لا يعبر عن الدولة السعودية.. وأن ما يرتكبه من نجاوزات سيحاسب عليه.. وأنه سيتم اتخاذ الإجراء اللازمة معه.. قرببًا.
لكن..
مضت أيام.. وشهور.. ولم تتوقف شطحات وتخاريف «الخاشقى».. ولم يحاسبه أحد!!
وها هو يعود منذ أيام.. ليكتب مقالاً فى صحيفة «الحياة اللندنية».. بعنوان «انجوا بمصر» خرج به عن حدود المألوف من الاعلام السعودى.. أو «الاعلام المدعوم من السعودية» ووجه انتقادات واسعة وغير مقبولة إلى الدولة المصرية وقيادتها.. محاولاً ـ كعادته ـ ارتداء قميص الناصح.. المحب.. الحريص على نجاح مصر ومصالح شعبها.. وهو فى الحقيقة لا تحركه إلا دوافعه المذهبية الضيقة.. وحساباته المشبوهة مع جهات و«أجهزة» تدير مخططات دولية لمحاولة تقويض الدولة المصرية وفرض مؤامرة الشرق الأوسط الجديد.
يدعو «خاشقجى» إلى فتح الأبواب فى الاعلام السعودى أو المدعوم من السعودية.. باعتباره «الاعلام العربى الوحيد المؤثر» على حد قوله.. من أجل تناول الأوضاع فى مصر «بشفافية». وهى دعوة خبيثة لتوسيع الشقاق والخلاف فى وقت يجب أن تسمو فيه أجهزة الإعلام فوق حساباتها الضيقة لتصل إلي مستوى طموحات الشعوب فى التوحد والاصطفاف فى مواجهة الأخطار الخارجية المحدقة بالأمة.
لا ندرى من أين أتى بهذه الجرأة ليطلق هذا الحكم المبالغ فيه إلى درجة مضحكة حول تأثير الاعلام السعودى!! لنتساءل: أين هذا التأثير.. ونحن فى مصر مثلاً التى يمثل عدد سكانها نحو ثلث مجموع السكان فى الدول العربية.. لا نعرف من الاعلام السعودى سوى أسماء عدة صحف لا نقرأها.. وقناتين فضائيتين يتابع من خلالهما بعضنا صلوات الجماعة فى الحرمين الشريفين.. ولا يتذكر أحدنا اسم السيد خاشقجى نفسه!!
عمومًا.. لا بأس.. يا «جمال» افتح أبوابك على مصر كما تريد.. وبقدر ما تشاء من شفافية.. فليس لدينا ما نخفيه.. أو نخشى من أمثالك عليه.. ولكن عليك أن تطلب لنا كإعلاميين مصريين نفس الحق على بلادك فى حدود أدبيات النقد البناء وثقافة الاختلاف التى نراك جاهلاً بها.. وإلا لما كنت تحدثت بهذا القدر من المغالطات والانقياد وراء أكاذيب «اخوانك الإرهابيين» حول أمر فى صميم الشئون الداخلية المصرية.. وهو الانتخابات البرلمانية التى لم تكتمل بعد.. زاعمًا أن هناك «عزوفًا هائلاً من المصريين» تعتبره إشارة صريحة إلى أن ثمة خطأ ما هناك».. و«صيحة احتجاجية صامتة.. لأن النظام قبضته غليظة» على حد قولك.. بل بلغ بك التجاوز والتجرؤ حد التشكيك فى نسبة المشاركة التى بلغت 26٪ فى المرحلة الأولى للانتخابات.. وتراها أنت متدنية جدًا ـ «لو صحت» على حد قولك ـ مقارنة بانتخابات سابقة وببلدان أخرى تتعدى فيها نسبة المشاركة 80٪.
خبير انتخابات.. لم يتخرج من مدارسها
نراك أصبحت خبيرًا وناقدًا فى شئون الانتخابات النيابية.. والممارسة الديمقراطية.. ولا ندرى من أين أتيت بهذه الخبرة؟ فمبلغ علمنا أن نظام الحكم فى بلادكم ملكى.. يقوم على مبايعة الحكام وليس انتخابهم.. أما مجلس الشورى فى النظام السعودى فيتكون من رئيس و150 عضوًا يختارهم الملك جميعهم.. وليسوا أيضًا منتخبين.
ولا بأس فى ذلك ما دام هذا هو ما يرتضيه الشعب لتحقيق مصالحه ـ فى اطار نظام حكم قائم على أساس العدل، والشورى، والمساواة، وفق الشريعة الاسلامية.. ونابع من المقومات الأساسية للمجتمع.
لكننا نعود لنسألك: مالك أنت بالانتخابات التى لم تمارسها أصلاً ولم تتخرج فى مدارسها العريقة؟ وبأى حق تسمح لنفسك بالتشكيك فى انتخابات أجريت تحت اشراف قضائى نزيه وشريف.. بنظام شفاف.. وبحضور لجان متابعة دولية ومحلية.. وبمشاركة عدد كبير من الأحزاب ومرشحيها.. ولم تقم جهة واحدة من هؤلاء بالتشكيك أو التلميح إلى تزوير نسب المشاركة أو إجراءات التصويت والفرز؟!
ومع ذلك.. لا ننكر أن هذه النسبة متواضعة.. ولا تلبى طموحنا السياسى.. ونتوقع زيادتها فى المرحلة الثانية للانتخابات.. وإن كنا نختلف حول دلالة انخفاض مستوى الاقبال على صناديق الانتخاب.. إلا أن من عاش التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية العنيفة التى مرت بها مصر خلال الخمس سنوات الماضية يدرك تمامًا أن هذا ربما يكون نتاجًا طبيعيًا لتجربة الانتخابات المريرة التى وصل بها الإخوان إلى الحكم.. ليذيقوا الشعب خلال عام واحد ويلات التمزق والضعف والانحدار.. وليضعوا البلاد على شفا حرب أهلية نهايتها الدمار لا قدر الله.. إلى أن خرجت الملايين فى 30 يونية لتفرض إرادتها وتصحح المسار وتسلم البلاد إلى من هو أقدر على حمايتها والحفاظ على وحدتها وتماسكها فى مواجهة ما يحيط بها من أخطاء ومخططات ومؤامرات داخلية وخارجية تكشفت خيوطها وأهدافها ونتائجها فى دول أخرى شقيقة تمزقت وتفككت وزال ملكها واحترقت شعوبها فى أتون الحروب.
جاء الرئيس عبدالفتاح السيسى بتفويض شعبى رسمى واسع.. وبانتخابات كاسحة.. وبمباركة كل الأحزاب والقوى السياسية والمجتمعية التى أبرمت معه عقدًا اجتماعيًا قائمًا على الالتزام بمبادئ الثورة الأربعة (عيش ـ حرية ـ عدالة اجتماعية ـ كرامة إنسانية) ووفق خريطة مستقبل محددة.. تكتمل بانتهاء الاستحقاق الانتخابى البرلمانى.. الذى يضاف إلى ما تم انجازه من قبل بوضع الدستور وانتخاب رئيس الجمهورية.. بالتوازى مع المضى قدمًا فى طريق التنمية والاصلاح وبناء الدولة الحديثة.. وسط تحديات أمنية بالغة الصعوبة.. وضغوط خارجية محمومة تسعى لإفشال النهوض الجديد ولإحباط مسيرة النجاة من مؤامرات التدمير والتفتيت والتقسيم.. تلك التي تفرض علي مصر خوض حرب ضروس نيابة عن كل العرب ضد الإرهاب والتطرف والأطماع الاستعمارية الدولية.. التي لا تستهدف مصر وحدها.. بل إنها خطر داهم يتهددنا جميعًا بالدمار والفناء.
يكاد المريب أن يقول: خذونى!
يتحدث السيد خاشقجى عن «إحباط» اشخاص التقى بهم ممن شاركوا فى «مشهد 30 يونية» على حد تعبيره.. الذى يصعب عليه ذكره بمسماه الحقيقى «ثورة 30 يونية».. ويهتم بتوضيح أن هؤلاء الأشخاص الذين التقاهم ليسوا إخواناً.. محاولاً أن ينفى عن نفسه الشبهة ولينطبق عليه القول «يكاد المريب أن يقول خذونى»!!
يزعم أن الأكثر تشاؤماً من هؤلاء ـ الذين التقاهم ـ يرى أن مصر متجهة إلى أزمة اقتصادية بسبب العجز فى ميزان المدفوعات والانخفاض فى احتياطى النقد الأجنبى.. «فلا إصلاحات اقتصادية حقيقية ولا مبادرات تبحث عن حل» على حد تعبيره.
ومع تحفظنا الشديد على ادعاء إن هؤلاء المتشائمين ينتسبون أصلاً إلى ثورة 30 يونية.. لعلمنا التام بأن شركاء الثورة يقدرون حق تقدير ما تحقق فى 17 شهراً تحت قيادة الرئيس السيسى.. من عمل يجرى على قدم وساق فى مشاريع كبرى.. تم إنجاز بعضها والبعض فى طريق الإنجاز.. من شأنها على المدى الطويل أن تحقق إصلاحات وعوائد اقتصادية هائلة للأجيال القادمة.. مسيرة عمل وإنجاز تنوء بحملها أعتى الدول إذا كانت تمر بما تعيشه مصر وشعبها من صعاب وتهديدات وحرب شرسة ضد الإرهاب والتخريب والهدم المتعمد لبنية الوطن.
ويكفينا فخراً تلك المعجزة التى تمت فى مشروع قناة السويس والتى ستكتمل بتنفيذ مشروع تنمية إقليم القناة.. ثم ملحمة إنهاء أزمة الكهرباء التى عرضت البلاد لموجات إظلام لم نشهد مثيلاً لها طوال تاريخ مصر الحديث.. أضف الى ذلك انتهاء أزمة وقود السيارات.. وإنجاز مشروعات شبكات الطرق العملاقة التى تم تنفيذها فى وقت قياسى لتسهيل الحركة والربط بين مواقع التنمية والتعمير والبناء الجارى إنجازها فى العديد من المحافظات.
الشعب يجنى ثمار الإصلاح.. بشهادة مؤسسات دولية
صحيح أن هناك أصواتاً تنادى بضرورة أن يتزامن مع تنفيذ هذه المشروعات بذل جهود مضاعفة من أجل التيسير على الجماهير.. وحل مشاكلها الحياتية الملحة.. مثل الغلاء والفقر والتعليم وخلافه.. لتشعر بأنها تجنى ثمار الثورة والإصلاح وتكافأ على تحملها الصعاب والتضحيات ثقة فيمن حملته الأمانة وفوضت فى أمورها.. وهو ما اتجهت اليه الدولة الآن بالفعل، بالإعلان عن خطتها للسيطرة على الأسعار بنهاية الشهر الجارى. وتدخلها بشكل مباشر لاستيراد السلع الأساسية وطرحها بأسعار مخفضة.. وهو ما انعكس فعلياً على الأسواق.. وانخفضت فيها أسعار الكثير من السلع الآن.. دون انتظار لنهاية الشهر.. وهو ما يؤكد أن هناك ممارسات احتكارية كانت وراء افتعال أزمات فى الأسواق.. وأن أصحاب هذه الممارسات خشوا من الخسائر فطرحوا ما فى خزائنهم من بضائع بأسعارها الطبيعية.. دون جشع أو مغالاة.. وبالتأكيد سوف تظهر آثار ذلك فى المؤشرات الاقتصادية العامة للشهور القادمة.. وأهمها انخفاض معدلات التضخم.. ويضاف الى ذلك ما يجرى اتخاذه من إصلاحات السياسات المالية والنقدية.. بهدف الحد من الطلب على العملات الأجنبية لتلبية احتياجات الاستيراد… بما يحافظ على الاحتياطى النقدى ويقلل الضغط على ميزان المدفوعات.
أما الرد على ادعاء أن مصر تتجه الى مزيد من الأزمات الاقتصادية فنتركه لوكالة «موديز» للتصنيف الائتمانى التى حافظت لمصر فى تقريرها الأخير على مستوى التصنيف B3 مع نظرة مستقبلية مستقرة، رغم انخفاض الاحتياطى النقدى الأجنبى الى 16.3 مليار دولار نهاية سبتمبر الماضى، مقابل 18.1 مليار دولار نهاية أغسطس ـ نتيجة التزام مصر بسداد قيمة سندات دولارية قيمتها 1.25 مليار دولار، إضافة الى مخصصات استيراد السلع الاستراتيجية والمواد البترولية.. مع العلم أن هذا التصنيف هو نفسه الذى منحته «موديز» لمصر فى إبريل الماضى.. وأرجعته الى تحسن أداء الاقتصاد الكلى وانخفاض الالتزامات الخارجية، والالتزام ببرامج الإصلاح المالى والاقتصادى.
فهل هذه المؤسسة الدولية أصدق.. أم هؤلاء «المتشائمون» الذين التقاهم الكاتب السعودى «العظيم»»؟!
قناة السويس.. التحدى السياسى الذى لا يفهمه «المتنطعون»
لم يفت «الخاشقجى» أن يصب نيران حقده وكرهه على مشروع قناة السويس الجديدة الذى يعتبره أصدقاؤه المتشائمون «هدراً لمال شحيح لن يجود الزمان مرة أخرى بمثله فى غير موضعه».. ويتهكمون على القول بأنه «هدية مصر للعالم»، بزعمهم أنه «لو كان العالم يحتاج الى هذا المشروع لاصطفت الدول المستفيدة من القناة والمؤسسات المالية تعرض قروضاً أو المشاركة فى تنفيذ المشروع».
ونرد على هؤلاء «المتنطعين» بأن رؤيتهم هذه تعكس جهلاً بيناً بحقيقة أن هذا المشروع القومى العملاق يمثل ملحمة تحد حقيقية بطلها الشعب المصرى الذى استطاع توحيد هدفه وجمع إرادته وتحدى كل ظروف القهر والإحباط المحيطة به، ليوجه رسالة سياسية الى العالم كله، بأن مصر مازالت قادرة على النهوض والبناء.. بعيداً عن تبعية التمويل الخارجى والقروض التى لو شاءت أن تحصل عليها لتدفقت عليها أضعاف ما تريد نظراً لأن السداد سيكون مضموناً بنسبة 100٪ بضمان الدولة وضمان عائدات تشغيل القناة باعتباره مشروعاً قائماً بالفعل ومدراً لعائدات تتزايد ولا تتناقص مع النمو المطرد والمستمر فى حركة النقل والملاحة الدولية.
أما عن الأهمية العالمية للمشروع فندعوك ياسيد جمال الى مراجعة التقارير التى صدرت عن جميع الاتحادات الملاحية ومجالس الأعمال الدولية.. والتى اعتبرت مشروع قناة السويس الجديد واحداً من أهم المشروعات الاستراتيجية العالمية.. وأكدت أن المشروع سيرفع من معدلات الملاحة التجارية فى البحر المتوسط. وينعكس إيجابياً على أنشطة الموانئ الأوروبية التى ستزيد الاستثمار فى بنيتها الأساسية لتتمكن من استيعاب حركة السفن والناقلات المتزايدة فى القناة.
وما علينا إلا أن ننتظر ما سيأتى به المستقبل القريب إن شاء الله.
تسألنا عن طعام بيوتنا.. ونتحداك أن ترفع صوتك داخل «ديرتك»
مرة أخرى.. وليست أخيرة.. يحشر «الخاشقجى» أنفه فيما لا يعنيه.. استمراراً لمنهجه «الابتزازى» والاستفزازى.. بادعاء أنه وأمثاله.. يتحدثون «نصحاً لمصر» لأنها «تهمهم»؟!!،.. ويتحدث حديث الإفك عن تعطل المصانع المصرية عن العمل إما لنقص فى الوقود أو لإضراب عمالها».. متسائلاً كيف ستتحقق الوعود ـ التى أطلقها الرئيس السيسى ـ بتوفير الغاز بنهاية الشهر؟ وهل هناك دلائل على إمكان ذلك؟ كما يتساءل عن وعد الرئيس أيضاً.. بخفض أسعار السلع بنهاية الشهر الجارى؟ وماذا لو لم تتحقق هذه الوعود؟!
ونقول له بدورنا: إذا استطعت أن تسأل دولتك ماذا سيحدث لو لم تستطع السيطرة على العجز الضخم فى ميزانيتها لعام 2015 الحالى، والذى قدره صندوق النقد الدولى بنحو «20٪» من إجمالى الناتج المحلى بسبب الانخفاض الكبير فى أسعار النفط، وبسبب التكلفة المالية الضخمة لمشاركة المملكة العربية السعودية فى الحرب ضد «داعش».. التنظيم الإرهابى الذى تصرح انت الآن بأنه لم يعد «شراً مطلقاً».. وكذلك بسبب قيادة المملكة التحالف العربى ضد الحوثيين فى اليمن، حيث تخصص رابع أكبر ميزانية للدفاع على مستوى العالم.. تبلغ حوالى 57 مليار دولار.. وإذا جرؤت على مطالبة حكومتك بتخفيض ميزانية الدفاع هذه للحد من العجز فى الموازنة العامة.. ساعتها سنجيب عن سؤالك حول وعود توفير الغاز وخفض الأسعار فى مصر.. وحول طعام بيوتنا.
ونعرف مسبقاً أنك لا تجرؤ على ذلك. ولا تقدر على رفع صوتك بمثل هذا السؤال بين جدران «ديرتك».. «الديرة» هى البيت باللهجة الخليجية.
الملف السورى.. دعوة إلى نظرة واقعية لوهم الصراع المذهبى
أخيراً.. نأتى الى بيت القصيد.. حيث يكشف «الخاشقجى» عن دوافعه المذهبية الموتورة.. الكامنة وراء مقاله الأرعن الخبيث.. متسائلاً عن التباين فى الموقف المصرى مع موقف المملكة حيال الأزمة السورية؟ ولماذا تؤيد مصر بقاء بشار الأسد ومعه الغارات الروسية؟ ولماذا لا ترى مصر خطر خروج بشار منتصراً بأسنة حراب الإيرانيين، وهو ما يعنى ـ من وجهة نظره ـ «هيمنة إيران على سوريا»؟!
عن أى تباين تسأل يا أخى؟ ومن الذى من حقه تأييد بقاء أو رحيل بشار غير الشعب السورى نفسه؟ ألا تقرأ وتتابع ما يصدر عن مسئولى بلدك من تصريحات إن كنت فعلاً كما يحلو لك أن تزعم قريباً منهم ومحسوباً عليهم؟
فى الخامس والعشرين من أكتوبر الماضى.. عقد وزيرا خارجية مصر والسعودية مؤتمراً صحفياً.. وضعا خلاله النقاط فوق الحروف.. فيما يتعلق بهذا الملف الذى يتعرض لعبث مقصود ودائم.. وأكدا تطابق وتوافق رؤى الجانبين فى هذا الشأن.. الوزير سامح شكرى قال: إنه لم يكن هناك تباين فى السابق، وليس هناك خلاف الآن.. والوزير عادل الجبير قال: إن الموقف المصرى تجاه سوريا يتطابق مع السعودى.. والطرفان يريدان ان تكون هناك عملية انتقالية فى سوريا وفقاً لاتفاقية «چنيف1».. بما يحافظ على المؤسسات المدنية والعسكرية التى من خلالها يستطيع الشعب السورى أن يحقق مصيره فى المستقبل.
السؤال إذن هو: هل يمكن أن يتحقق الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية دون وجود لبشار الأسد؟
أرى أن الشعب السورى وحده هو صاحب الحق فى هذا الاختيار.. وأذكر أننى وجهت هذا السؤال من قبل إلي شقيق سورى وطنى فأجابنى بشكل حاسم: إن رحيل بشار يعنى سقوط الدولة السورية.. لكن أمثالك ياجمال من المزايدين على دماء هذا الشعب المسفوكة وأرواحه المهدرة ووطنه الممزق يأبون إلا أن يواصلوا.. دون ملل.. حربهم ضد طواحين الهواء.. بأسنة رماح الطائفية والكراهية المذهبية.. غير مدركين لحقيقة أن ظروف التاريخ والجغرافيا السياسية قد تغيرت وتبدلت وحسمت لطرف من أطراف الصراع الإقليمى بإقرار دول الغرب الكبرى على الاتفاق النووى مع إيران.. والذى حصلت طهران على «مكافأة سياسية» نظير توقيعه.. هى التى تحركها الآن فى علاقاتها الدولية.. على حساب دول أخرى أصبح لزاماً عليها ان تتعامل بواقعية وموضوعية مع طبيعة دورها فيما بعد هذا الاتفاق.. بدلاً من المضى قدماً فى رهانات وصراعات خاسرة.. وخوض حروب بالوكالة مصيرها الفشل.
تلك هى كلمة الحق التى حان الوقت لأن نقرأها كما هى.. وليس كما نتمنى.. لكى ننجو جميعاً.. يا أخ جمال.
وإن شاء الله نحن الناجون، وإياكم.