من المعلوم إن القيادة الدينية عموما هي المعنية بالدرجة الأولى بتوجيه المجتمع وتحريك الأمة وتتولى قيادة العملية التغييرية الإصلاحية منطلقة في كل ذلك من دائرة فهمها واستيعابها للنصوص الشرعية وهذا يعتمد على قدرتها العلمية التي تمنحها القدرة على ذلك، فالمرجعية الواقعية قائدة وليست مقودة، وموجِهة وليست موجَهَة، ومُحَرِكة وليست مُحَرَكة، وهي السباقة إلى التوجيه والتشخيص ووضع العلاج.
لكن من المفارقات العجيبة الجديدة التي عودتنا عليها مرجعية السيستاني، والتي أفرزتها التظاهرات العارمة التي يشهدها العراق بسبب ما يعانيه الشعب من فقدان لأبسط الخدمات التي ينعم بها شعوب أفقر الدول، فضلا عن تفشي آفة الفساد وتسلط المفسدين، ناهيك عن انعدام الأمن والأمان، وغيرها من الأزمات المتواصلة،إن الشعب قد سبق المرجعية وانتفض ضد الفساد والمفسدين وهو مَن حرَّكَها!!!، ولما رأت المرجعية خطورة الموقف عليها أظهرت التأييد الإنتهازي الإعلامي للمتظاهرين وراحت تطلق الخطابات الفارغة متبعة سياسة التخدير والتسويف من اجل امتصاص غضب الجماهير وذر الرماد على العيون وراحت تتحدث في خطب الجمعة عن الفساد والمفسدين والضرب من بيد من حديد وغيرها، والتجربة اثبت ذلك بكل وضوح إذ اتضح للجميع أن الطريقة التي تعاطت بها المرجعية والعبادي قائمة على التخدير والتسويف فلم يتحقق شيء على ارض الواقع حتى ما يسمى بحزمة الإصلاحات التي أطلقها العبادي ودعمتها المرجعية بان زيفها بدليل أن نواب رئيس الجمهورية مازالوا في مناصبهم وغيرها من الأمور التي يطول المقال بذكرها.
والغريب في الأمر أن حديثها وخطابها يكون بعد أن تسبقها الجماهير في ذلك، ثم تتحفنا هي في خطبة الجمعة لتردد إعلاميا بعض ما طالب به الشعب وبصورة ضبابية وعبارات غامضة تستبطن عدة وجوه وضمن طريقة الشفرات…، فلو غرق العراق بمياه الأمطار مُجددا أو احترق فالمرجعية ستستقري ردود الأفعال وتنتظر حديث المجتمع وتوجهاته حتى يأتي يوم الجمعة وتصرح من خلال خطبة الجمعة بخطابات انتهازية تنسجم وتوافق رأي الشعب المنتفض حفاظا على مصالحها الشخصية، لأن الشعب هو من يُحرك المرجعية كما أثبتنا…
نعم الشعب هو من ثار وانتفض وتحرك وأقضَّ مضاجع إيران واقلق سبات المرجعية الكهنوتية وزمرتها الفاسدة ،وهو الذي سيُحقق الإصلاح الحقيقي ويُحدث التغيير الجذري مستوحيا ذلك من مدرسة عاشوراء الثورة والإباء التي نعيش ذكرها المضيئة فيما لو استمر على هذا الخط المقدس وزاد في زخمه، وهنا نذكر المتظاهرين الشرفاء المصلحون بخطاب المتظاهر والناشط الصرخي الحسني الذي وجهه إليهم في بيانه الموسوم”من الحكم الديني(اللا ديني)..إلى..الحكم المَدَني” حيث كان مما جاء فيه قوله:
(( 10ـ أعزائي منكم نتعلم وبكم نقتدي أيها المتظاهرون المصلحون هذه نصيحتي لكم فاعْقُلوها ولا تضيّعوا جهودكم وجهودَ مَن سمِع لكم وخرج معكم وايَّدكم ودعا لكم واهتم لخروجكم وآزركم فلا تخذلوهم ولا تخيبوا آمالهم لا تتخلوا عن العراق الجريح وشعبه المظلوم ،ايّاكم اِياكم لان التراجع يعني الخسران والضياع وان القادم أسوأ وأسوأ فالحذر الحذر الحذر
ولا ننسى ابدا هتافات أفواه وضمير وقلوب الجماهير المظلومة المسحوقة {{ باسم الدين.. باگونة الحرامية}} )).