نون والقلم

إرسال الحشد من العراق إلى سوريا علامَ يدل ؟!

أعلنت وكالة أنباء ” مشرق نيوز ” الإيرانية يوم السبت الماضي 31/ 10 / 2015 عن وصول نحو ثلاثة آلاف مقاتل من كتائب سيد الشهداء – وهي إحدى الجماعات العراقية المنضوية في الحشد الشيعي- وصلت يوم الجمعة إلى دمشق، لدعم قوات بشار الأسد في الحرب الدائرة هناك، مبينة أنه “من أجل المشاركة في العملية التي أطلقها الحرس الثوري وحزب الله في جبهة حلب وحماة واللاذقية في سوريا. 

وهنا نطرح عدة أسئلة, لماذا ذهبت تلك الفصائل من العراق إلى سوريا ؟ هل انتهت الحرب في ضد داعش في العراق ؟ هل عدد المقاتلين في العراق يسمح بان يذهب هكذا عدد ضخم إلى سوريا ؟ هل تلك الفصائل تأتمر بأمر السيستاني الذي تشكلت تلك الفصائل بأمره وفتوته ؟ أم إنها تأتمر بأمر إيران وتوجيهاتها ؟! ماذا يعني هذا التحرك ؟ وهل له علاقة بالواقع السياسي العراقي ؟ .

يبدو إن إرسال تلك الفصائل إلى سوريا خصوصاً وإنها خطوة اتخذتها إيران وقيادات الحشد الموالي لها جاءت بعد مؤتمر فينا, جاءت كنتيجة للواقع السياسي العراقي, إذ أصبح من الواضح للجميع مدى ميل وركون الحكومة العراقية وبالتحديد رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى الجانب الأمريكي, الأمر الذي ترشح عنه تواجد قوات عسكرية أمريكية في العراق, وهذا ما لاتقبل به إيران, كما إن الحرب ضد داعش في العراق أصبحت مهمتها وبشكل شبه رسمي مناطة بالقوات الأمريكية ولأن الأمريكان خصوصاً والمجتمع الأوربي عموماً ينظر للحشد الشعبي كما ينظر لداعش بسبب الأعمال الإجرامية التي مارسها بحق المدنيين العزل وبحسب تقارير خاصة, أصبح تواجد الحشد في العراق لا يصب في مصلحة إيران, وبقائه سيجعل من إيران عرضة لحرب خاسرة وتكون تحت ضغط الجبهات المتعددة, حيث أمريكا من جهة وداعش من جهة أخرى.

كما إنها أحست وتيقنت بأن الحكم في العراق فلت من يدها وبدأ العراق يتحرر شيئاً فشيئاً من قبضتها وتحول إلى القبضة الأمريكية, لذلك قررت إن تحافظ على حكم الأسد في سوريا كي لاتفقده هو الأخر, خصوصاً وإن نتائج مؤتمر فينا – وأن كان لم يتم بالشكل المخطط له – كانت نتائجه تعطي الدور في الأبرز في تغير الأسد للشعب السوري, حتى وإن شارك الأسد في الإنتخابات المبكرة, فالشعب السوري وبغالبية عظمى سيطيح بالأسد من خلال الانتخابات, لذلك قررت إيران إرسال هذه القوة الكبيرة لكي تقوم بعمليات التصفية والاغتيالات والتهجير والترويع للشعب السوري, خصوصاً وإنها ذات خبرة كبيرة في مثل هكذا ممارسات إجرامية لا إنسانية, كما إن هكذا قوة ستدعم الأسد في حربه ضد الشعب السوري, ومن الواضح جداً إن قوات الأسد تعاني الآن من قلة العدة والعدد, والتواجد الروسي في سوريا لا يبدو أنه يفي بالغرض.

والأمر الأخر الذي تكشفه هذه الخطوة, إن السيستاني وكما يقول المرجع العراقي الصرخي خلال لقائه مع قناة التغيير الفضائية {{ … إنّ فتوى الحشد ظاهرها للعراق، لكن جوهرُها ولبّها وأصلُها وأساسُها لحماية إيران وإمبراطوريتها ومشاريعها,… لا نتوقّع أبداً صدور فتوى تحشيد لتغيير الفاسدين العملاء، لأن هذا يضـر مصالح إيران ومشاريع إيران، فراجعوا كل ما صدر من فتاوى ومواقف المرجعية التي تُرجِمت على أرض الواقع، فستتيقنون أنه لم يصدر شيئاً وتُرجِم على الأرض إلّا وهو يصب في مصلحة إيران ومنافعها ومشروعها…}}, أي إن الحشد بكل فصائله التي تشكلت بأمر وفتوى السيستاني هي تأتمر بأمر إيران وحتى السيتاني نفسه, ولو كان الأمر خلاف ذلك, لكان للسيستاني رأي في إرسال هذه القوة الهائلة إلى سوريا, أي إن السيستاني أصدر ” فتوى الجهاد ” من أجل خدمة إيران ومشروعها التوسعي في المنطقة العربية, وليس من أجل العراق وشعب العراق, فظاهر الفتوى يوحي بأنها في صالح العراقيين لكن باطنها لخدمة إيران, وإلا كيف تتحرك هكذا قوة بدون أمر من السيستاني ؟! أليس الفتوى صدرت من اجل تحرير الموصل ؟ إذن لماذا يُرسل أبناء العراق إلى سوريا ؟ ولماذا لم تصدر فتوى الجهاد سابقاً خصوصاً وإن داعش تواجد في سوريا قبل العراق ودخل له من الحدود السورية ؟ فلماذا يُرسل من امتثل للفتوى إلى سوريا وهي كانت قد صدرت من أجل العراق كما يزعمون ؟!.

لماذا يزج أبناء العراق في حرب ليست بحربهم, وإن كان بعنوان الدفاع عن المقدسات ففي العراق المقدسات أكثر التي هي تحت تهديد داعش, وعلى سبيل المثال مدينة سامراء, حيث تدور الآن المعارك على أسوارها, وحذر العديد من المراقبين من حدوث انتكاسة أمنية فيها, بينما في سوريا فالمعارك بعيدة جداً عن مرقد السيدة ” زينب عليها السلام ” هذا في حال كان الثوار يهددون المراقد هناك, وهذا الأمر يوحي لنا بان إيران ومرجعياتها الفارسية في العراق وحشدهما قد تخلوا عن المقدسات التي تظاهروا بالدفاع عنها من اجل المشروع الإيراني التوسعي.

الخلاصة أو النتيجة النهائية هي, إن السيستاني وإيران اتفقا على إرسال أبناء العراق للدفاع عن المشروع الفارسي التوسعي في المنطقة العربية بعدما أيقنا بان العراق بات قاب قوسين أو أدنى من وقعه تحت السيطرة الأمريكية الكاملة, فقررا إنقاذ ما يمكن إنقاذه من حكومات مواليه لإيران من اجل ديمومة مصلحتها ونفوذها في المنطقة.

أخبار ذات صلة

Check Also
Close
Back to top button