في أعقاب الغارة الجوية الإسرائيلية التي قتلت 30 شخصًا على الأقل في حي سكني شمال غزة، دعا البابا فرانسيس إلى إجراء تحقيق فيما إذا كانت الإبادة الجماعية تُرتكب تحت غطاء الحرب.
إن العدد المذهل للقتلى في غزة – ما يقدر بنحو 44000 فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال – يؤكد على أهمية دعوته للمساءلة. في حين انتقد البابا حرب إسرائيل من قبل، فإن هذه هي أول دعوة علنية له لإجراء تحقيق أعمق في الصراع الذي أشعله هجوم حماس في 7 أكتوبر من العام الماضي والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص.
يتطلب التدقيق القانوني في الصراع الوصول إلى غزة، التي تم إغلاقها لمدة 13 شهرًا في تحد لدعوات محكمة العدل الدولية للسماح بالدخول للتحقيق في «إبادة جماعية».
ولم يصدر البابا حكماً قاطعاً بشأن ما إذا كان الموقف يرقى قانونياً إلى مستوى «جريمة الجرائم». وكان آخرون، بما في ذلك علماء بارزون، أقل حذراً. ففي الأسبوع الماضي، قالت لجنة تابعة للأمم المتحدة إن تصرفات إسرائيل في غزة تتفق مع تعريف الإبادة الجماعية، مع وقوع وفيات واسعة النطاق بين المدنيين وفرض ظروف قاسية على الفلسطينيين عمداً.
ومع ذلك، في حين أن عرض الأمم المتحدة لقضيتها بوضوح قد يبدو مرضياً، إلا أنه قد يأتي بنتائج عكسية من خلال إثارة غضب الإسرائيليين أكثر.
إن العديد من الإسرائيليين اليهود يرفضون وصف الإبادة الجماعية، على الرغم من أن العديد منهم ربما يكونون في غفلة عن الصورة الكاملة.
وأشارت الأمم المتحدة إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية أوردت أن حصيلة القتلى بلغت نحو 1000 مدني فلسطيني، بما في ذلك أقل من 50 طفلاً، الأمر الذي أدى إلى طمس الحقيقة الأوسع. وفي حين لا يزال الاعتقاد القاسي بالعقاب الجماعي قائماً، فإنه لا يستطيع أن يمحو حقيقة جرائم الحرب. ويبقى السؤال ما إذا كانت أي محكمة ستحاسب إسرائيل ــ أو حماس ــ على ما حدث.
في الأسبوع الماضي، اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش السلطات الإسرائيلية بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية و«التهجير المنظم العنيف» للفلسطينيين.
وحذر التقرير من أن مثل هذه الأعمال إذا أصبحت دائمة فإنها ستشكل تطهيراً عرقياً. وفي الوقت نفسه، تتزايد المخاوف بشأن التجويع المتعمد لقطاع غزة، وتشير التقارير في صحيفة هآرتس إلى أن الجيش الإسرائيلي يخطط لتحويل الجيب إلى مناطق محتلة محصنة.
ومع احتلال الطرق والقواعد العسكرية ربع غزة الآن، فإن اليمين الديني الصاعد في إسرائيل يتطلع علناً إلى الأراضي الفلسطينية للاستيطان.
إن عودة دونالد ترامب إلى السلطة تنذر بالسوء لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين. فبالنسبة للفلسطينيين، تشير تعييناته المبكرة إلى القليل من الأمل في قدرة الحلفاء على معالجة محنتهم.
وبالنسبة للإسرائيليين ــ وخاصة أولئك الذين يسعون إلى إقامة دولة خالية من حكم شعب آخر ــ يظل الأمل بعيد المنال أيضا. وقبل مغادرته منصبه، قد يحث جو بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إنهاء الحرب في لبنان، في إطار موقف إيران الضعيف كمبرر لادعاء النصر.
ومع ذلك، فإن سجل بايدن في تحديد «خطوط حمراء» تجاهلها نتنياهو مرارا وتكرارا يلقي بظلال من الشك على قدرته على ممارسة النفوذ بفعالية.وعلى الرغم من كونها المورد الرئيسي للأسلحة لإسرائيل، فشلت الولايات المتحدة في تأمين وقف إطلاق النار أو صفقة تبادل الأسرى في غزة، مما كشف عن افتقار بايدن إلى النفوذ.
لقد وحدت حرب إسرائيل غير المنضبطة المواقف العربية والإيرانية بشأن فلسطين – وهو أمر لا يمكن تصوره في ظل إدارة ترامب الأولى – وغذت مساعي الوزير اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش لضم مستوطنات الضفة الغربية.
إن فرض عقوبات على المتطرفين في مجلس الوزراء الإسرائيلي – وهي الخطوة التي يدعمها الحلفاء الأوروبيون – قد يساعد وسيكون من الصعب على ترامب عكسها.
في نهاية المطاف، يواجه إرث بايدن في الشرق الأوسط خطر أن يتم تحديده من خلال فشل النظام الدولي بقيادة الولايات المتحدة في دعم المثل العليا التأسيسية له، والذي طغت عليه الحروب التي تقوض تلك المبادئ ذاتها.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية