المجتمع لا يحكم إلا بالظاهر، ويختصر كلام بعض الناس عن الشخصيات الناجحة والمشهورة في كلمة لماذا هم وليس نحن؟ وكم هم محظوظون؟
لكن لا أحد في هذه الدنيا محظوظ وخاصة الذي يملك الشهرة لأن الشهرة شيء ظاهري، ولن تجلب السكينة وراحة البال، وهذا ما يحدث يوميا حيث لا يعلم الناس كمية أوجاع غيرهم.
فالمال لا يجلب السعادة والجمال لا يجلب السعادة والنجاح لا يجلب السعادة والشهرة لا تجلب السعادة، لأن كل هذه الأشياء ظاهرية وليست روحية، هي تلامس فقط المكانة ولن تضيف شيء لروح الإنسان.
الإنسان بحاجة للحب والاحتواء والأمان والرضى والقناعة، وهذا ما حدث مع تيكتوكر تركية تدعى كوبرا أيكوت التي لم تشارف عقدها الثالث حيث أنهت حياتها الأمس وألقت بنفسها من الطابق الخامس بعد أن تركت رسالة كتبتها بخط يديها حيث جاء فيها «لقد قفزت بمحض إرادتي، لأنني لا أريد أن أعيش بعد الآن.. لقد كنت جيدة كثيراً مع الجميع في حياتي، لكنني لم أستطع أن أشعر بالتحسن».
وأضافت في رسالتها «العيش كشخص جيد لم يكسبني أي شيء، كن أنانياً في هذه الحياة، وستكون سعيداً، كنت أموت منذ أيام، ولم يشاهدني أحد، سأذهب لأنني أحب نفسي كثيراً وأفكر بنفسي».
قصتها حزينة جدا وتشبه حالنا يوميا، وتشبه القلوب الموجوعة والتي لا يعلم أحد ما بها، تشبه صراعاتنا اليومية ومعاركنا التي لا يشهدها أحدا غيرنا، تشبه جروح حادة تنزف لكنها غير مرئية، تشبه أصوات تصرخ لكنها غير مسموعة.
أن يصل الحال بشابة جميلة، بشوشة، خفيفة الروح إلى الانتحار أمر ليس هين، لأن هناك بعض الناس لا يمكنهم تحمل تلك الأوجاع التي بداخلهم، حيث يفقدون كل معاني الحياة، يشعرون بالخذلان وانعدام الأمان والثقة وكسر الخاطر.
هي ليست الوحيدة المذنبة لأنها قررت الانتحار بل من أدى بها إلى هذا المصير المأساوي وهو لا يعلم أن أبشع جريمة في هذه الدنيا هي كسر الخواطر والقسوة على الناس حيث قال رسول عليه الصلاة والسلام من لا يرحم لا يرحم.
لأن الرحمة يجب أن تكون قاعدة أساسية في حياتنا، يجب أن نتعلم الرحمة تجاه الناس واللين والرفق والجبر بالخواطر، لأن الشخص القاسي هو الذي يدمر حياة غيره ويؤدي بهم إلى هذا المصير .
فكم من الأشخاص شعروا بالاحباط واليأس وقلة الحيلة والظلم والخذلان بسبب غيرهم فجلدوا أنفسهم وكرهوا وجودهم وتألموا ونزفوا الجراح فقط بسبب طيبتهم الزائدة وشعروا بالظلم في هذه الدنيا .
وتساءلوا ماذا يفعلون في عالم لا يشبههم، في عالم ظالم وليس عادل، حيث جاءت في تصريحات عمتها أنها مرت بقصة حب فاشلة جعلتها تنهي حياتها.
سوف يتعجب البعض لكن الحب ابتلاء مثله مثل كل مرض قد يصيب الإنسان، فهل يعقل أن بعض الناس يعذبون غيرهم فقط لأنهم أحبوهم، ولماذا من الأساس تجعل شخص يتعلق بك بكلامك وتصرفاتك وأنت بداخلك لا تكن له مشاعر.
فالعبث بمشاعر الناس أبشع جريمة في هذا الوجود ولا يرتكبها إلا إنسان قليل أصل ومنعدم الثقة في النفس وأناني حيث يفعل المستحيل كي يحبه الطرف الآخر ومن ثم يتلذذ بتعذيبه وكأنه فعل جريمة عندما أحبه فيصبح جلاده.
لتنهي شابة حياتها بسبب شخص أناني ومن ثم سوف يكمل هو حياته وهي سوف تبقى ذكرى حزينة في قلب عائلتها، مع أنني أشك بكونه سوف يكون سعيد لأن روحها سوف تلاحقه إلى نهاية حياته ولأن ظلمه سوف يصبح حبل مشنقة له، يخنقه ويقيد سعادته.
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية