نون والقلم

أسعد الجوراني يكتب: حقيقة وحدة الأصل 

 كلنا من آدم وآدم من تراب إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ قال تعالى (هَلْ أَتى عَلَى الإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (1) إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً (2) إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)) سورة الإنسان. 

يشكَّل الإنسان محور التفكير عند العلماء والمفكرين بمختلف منظوماتهم الفكرية والعقائدية والأيدلوجية ولكي نبيَّن أصوله التاريخية والاجتماعية لابد من العودة إلى كيفية خلق الإنسان في المصادر والتشريعات السماوية، وذلك من خلال تتبع الآيات القرآنية، وأحاديث الأنبياء (عليهم السلام). 

إن قصة خلق آدم (عليه السلام) في الفكر الإسلامي وفي المنظومة الإسلامية، قد تمت بمعجزة إلهية، وأن هناك صلة ما بين مادة الخلق وطباع المخلوق، فقد خُلق الإنسان من تراب ليكون متواضعاً وليكون أشد التصاقاً بالأرض التي خلق منها، فضلاً عن أن طبيعة تكوينه الملائمة للتفاعل مع البيئة التي يعيش فيها منسجمة مع طبيعة تكليفه ليكون خليفة الله في الأرض فطبيعته تكون من طبيعة تكوينه، فكان تكوينه مناسباً لمكونات البيئة، وللمهمة التي خلق من أجلها. 

وبعد أن خلق الله تعالى آدم (عليه السلام)، وهو المخلوق الأول من البشر، اقتضت إرادته أن يخلق المرأة وهي صنو الرجل، فكانت حواء (عليها السلام) قال تعالى: (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً) سورة النساء (1). 

كل ذلك إشارة إلى أن هذه الحقائق الفطرية البسيطة فيها دلائل كبيرة وعميقة جداً، فهي توحي بأن هذه البشرية صدرت عن إرادة واحدة، وانبثقت من أصل واحد، وتنتسب إلى نسب واحد، وتتصل برحم واحد، وتلتقي في وشيجة واحدة #وما_الفوارق_الموجودة_والموضوعة_جميعها_إلا_أمر_طارئ. 

فالبشر كلهم من أصل واحد وأب واحد وأم واحدة ثم تكاثروا وانتشروا وتفرقوا بخلاف النظريات الأخرى القائلة بتعدد أصل البشر وأن لكل فئة ولكل عرق ولكل لون أب خاص به وسواء كان للبشرية آدم واحد، أم أنه كان هناك آوادم آخرين متعددين، فالأصل يبقى (آدم) ويبقى للبشرية الموجودة أب واحد وأم واحدة، وذلك هو مصداق قوله تعالى: ((يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) سورة الحجرات (13). 

#ومما_يؤسف_له_أن_تمت_في_العصر_الحديث صياغة إيديولوجيات ومعتقدات دوغمائية تستند على أصول وهمية من دعاوي التفوق العنصري أو الديني أو السلالي، وتدَّعي أن شعباً ما هو «شعب الله المختار» أو أن جنساً من الأجناس «فوق الجميع» وكل هذه الادعاءات ظهرت في قلب حضارة الغرب، وذاق العالم ويلات كثيرة من المنازعات والصراعات والحروب ولا يزال يعاني منها في مواضع شتى. 

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا 

 

  t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر  لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى