الانتخابات الأمريكية القادمة تأتي في مرحلة انتقال عالمي نحو واقع متعدد الأقطاب، وهو منعطف طرق سيحدد المسيرة البشرية في السنوات القادمة، بما في ذلك منطقتنا الخليجية، ويتنافس في هذه الانتخابات الرئيس الحالي جو بايدن، الذي يمثل الاتجاهات الكلاسيكية ضمن المنظومة الحاكمة الأمريكية الليبرالية، والتي تشمل مؤسسات الجيش والاستخبارات والشركات المالية والصناعية والاستثمارية والتقنية العابرة للقارات وكبار موظفي الدولة البيروقراطيين. هذه المنظومة عميقة في الواقع الفيدرالي الأمريكي المؤسسي، وعمرها من عمر الدولة الاتحادية.
ويتنافس مرشحو الحزبين الرئيسيين «الجمهوري والديمقراطي» لتمثيل رأس الهرم كـ «واجهة» حاكمة، وهذا التمثيل بشكل عام لم يشهد تغييرًا جذريًا على مدى السنوات الماضية، باستثناء بعض التفاصيل الدقيقة، لأن كل من يفوز هو منتوج وواجهة لـ «منظومة أمريكية حاكمة» ثابتة مستقرة «لا» تتغير.
المختلف في الانتخابات الحالية هو «الترامبية»، التي يمثلها الرئيس السابق دونالد ترامب حيث يمثل خطًا مختلفًا غير معروف وهو مختلف عن «المنظومة الأمريكية الحاكمة» الكلاسيكية.
وصفه الإعلام الأمريكي بـ«الصادم» في سياساته وغير قابل للتنبؤ بما سيقوم به، وهو بذلك «لا» يعبر عن «شخص» واحد فقط، بل يمثل تيارًا شعبيًا أمريكيًا داخليًا «قوميًا» يريد الانعزال من مشاكل العالم وتحويل الولايات المتحدة الأمريكية إلى دولة «وطنية» ومهتمة بذاتها، بما يختصره ترامب في شعار «أمريكا أولاً» مما سيجعلها عظيمة مرة أخرى make America great again! ?.
لذلك، من المنتظر وجود تناقض كبير بين «الترامبية» والمنظومة الحاكمة الأمريكية الكلاسيكية التي تمثل المؤسساتية الضاربة في العمق، و«الترامبية» التي تحمل أفكارًا شعبية مقبولة ومؤيدة من الفرد الأمريكي العادي أو بما يعرف هناك بـ the regular joe?!
إذن ضمن انتقال لعالم متعدد الأقطاب وانسحاب أمريكي متوقع ماذا علينا أن نعمل كـ «خليجيين»؟ بما يضمن مصالحنا ووجودنا؟ الإجابة تتمثل في النقاط التالية: أتصور أن علينا أن نسارع في صناعة إقليم القاعدة الخليجي الوحدوي ومن ثم أن ننطلق إلى تعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات المشتركة، مثل الأمن الغذائي والمائي، والطاقة، والتكنولوجيا، وأيضا العمل على تنويع الشراكات الدولية مع دول أخرى مثل الصين وروسيا والهند بالإضافة إلى أمريكا والاتحاد الأوروبي، وهذا التنويع يمكن أن يوفر فرصًا اقتصادية واستثمارية جديدة وأيضا التركيز على ملف تعزيز الاستقلالية العسكرية من خلال تطوير الصناعات الدفاعية المحلية وزيادة التعاون العسكري بين «إقليم الوحدة الخليجي» وباقي العالم مع الاستفادة من استغلال الفراغ الدبلوماسي الذي سيحصل لتعزيز دور «منظومة دول الخليج المتحدة» كـ«حكم» في حل النزاعات الإقليمية والدولية في ظل سياسة «الحياد الإيجابي» مما يعزز من مكانتها على الساحة الدولية.
والتركيز على التنمية الاقتصادية واستغلال الفراغ الناتج عن وجود تعدد اقطاب دولي انتقالي للتركيز على التنمية المحلية، من خلال تنفيذ إصلاحات مالية وتجارية وتشجيع الاستثمارات في القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية.
طبيب استشاري باطنية وغدد صماء وسكري
كاتب كويتي في الشؤون العربية والإسلامية
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية