تداعيات ما يحدث في أوكرانيا وغزة بدأت تنعكس على أوروبا، فمن خلال صناديق الاقتراع تسقط أنظمة سياسية مستقرة منذ عقود، وكأن الناخب بدأ يستخدم حقه في ممارسة الديمقراطية لمعاقبة الأحزاب والأشخاص الذين كانوا إلى وقت قريب يستحوذون على السلطة.
أوروبا لعبت دوراً في إشعال حرب أوكرانيا، هي من لوحت بعضوية «الناتو» والاتحاد الأوروبي لحكومة زيلينسكي، وهي من لم تسمع تهديدات بوتين من الاقتراب عند أبواب بلاده، وهي التي جهزت الجيش الأوكراني بالسلاح والكلام المعسول، وهي التي فتحت حدودها لستة ملايين أوكراني فروا من مناطق النزاع العسكري، وهي التي لا تزال تضخ المليارات لتزيد النار حطباً، وهي من سعت إلى استحداث عداوة مع صديق تعاون معها لثلاثة عقود، وهو من يجلس فوق رأس أوروبا كلها في الشمال، وهي من أحدثت أزمات اقتصادية ومعيشية لسكانها عندما تبعت التوجيهات الأمريكية بمقاطعة روسيا وحصارها اقتصادياً.
وأوروبا تنصلت من مسؤوليتها التاريخية عندما صمتت تجاه ما يحدث في غزة الفلسطينية، وكأن ما يحدث لا يعنيها، رغم اندفاعها بعد السابع من أكتوبر نحو إسرائيل، ومساندتها سياسياً وعسكرياً، حتى قطعت المساعدات الإنسانية عن وكالة غوث للاجئين استناداً إلى كذبة أطلقها نتانياهو، لم تنتبه إلى مخالفة بعض دول الاتحاد الأوروبي لإجماعها الظالم، فقد كان ذلك بداية لرفض دور هذا الاتحاد وتوجهاته.
وجاء دور من تضرروا، الناس بكل فئاتهم، من لا يملكون غير ورقة التصويت في الانتخابات، فإذا به يذهب نحو التطرف، سواء كان في اليمين أو في اليسار، وشعوب أوروبا ترى في اليسار الملجأ إذا ضاقت السبل، رغم أن تاريخ اليسار الإرهابي لا يزال حاضراً في أذهانهم، ولكنه دُجن وأصبح ضمن التركيبة السياسية، وهو أحلى الأمرّين، فالبديل الآخر يشكل خطورة على مجتمعاتهم، فهو أكثر تطرفاً وكراهية للأجناس الأخرى.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية