ليس هناك خلاف كبير بين ما نقوله وما قاله ذلك الوزير الفرنسي، فنحن بلاد البرقع والحجاب والتنانير الطويلة، وهو من بلاد «التنانير القصيرة»، مع علمنا بأنه كان يلقي كلمة تحريضية لمن يؤيدون حزبه في الانتخابات البرلمانية.
وفي مثل هذه التجمعات يعتقد كل مرشح أنه غير محاسب على ما يقول، أخطأ أو تطاول أو شهّر أو شتم، سيان عنده الأسلوب الهابط أو المتحفظ، فهو يبحث عن الأصوات، ولا شيء مهم عنده غير الأصوات، فهي مستقبله، وهي درع الفكر الذي يحمله، حتى وإن كان غير مقتنع بما يقول.
الصوت عنده هو الهدف، أما القيم والترفع عن سقطات الصغار فيمكن تداركها لاحقاً، فهم، أي أهل الغرب، تخلوا عن القيم والأخلاق البشرية وليس الغربية فقط، منذ أن ضحكوا عليهم وقالوا لهم بعد الحرب العالمية الثانية «إن هتلر وموسوليني كانا نتاج الفكر الرجعي السائد في أوروبا»!
وزير مالية فرنسا برونو لومير أخطأ في التشبيه الذي ساقه أمام مؤيديه، فالصراع اليوم داخل فرنسا ليس بين مبادئ الجمهورية والإسلام أو العرب، هو وحزبه وكل الأحزاب اليسارية والوسطية يخوضون معركة «تكسير عظام» مع «لوبان» القادمة بكل قوة الأرياف والتشدد اليميني، هي محور الصراع المستعر هذه الأيام على الساحة السياسية والاجتماعية.
وبعد غد ستكون معركة الحسم، في الجولة الثانية والأخيرة من الانتخابات، وسيكشف الاتجاه الشعبي عن حقيقته، وهي أن الإنسان يريد أن يعود إلى طبيعته، إلى أصله، إلى ما ميزه به الخالق تعالى شأنه من بين كل الكائنات، العقل واللسان، والفكر الذي يجمع بينهما، فهذه الحضارة التي وصلت إلى أقصى مراحلها لم يبنها في أوروبا المنحرفون الشاذون والمتحولون، ولم تسهم فيها «التنانير القصيرة»!
الوزير المذكور ترك كل قيم الفرنسيين، ولم يجد غير «التنانير القصيرة» صفة يصف بها بلاده، معتقداً بأنه يميز بها شعبه، ولم يجد من ينتقده فذهب إلى «البرقع»، والبرقع بريء من كل الذي يحدث في فرنسا اليوم، قال ذلك فقط ليكسب بعض الذين يميلون إلى «لوبان» واليمين الفرنسي، فهؤلاء لهم نظرة غير سوية تجاه العرب والمسلمين نظراً لثقافتهم المنحازة، رغم أن نساءهم كن يلبسن «التنانير الطويلة» قبل عقود من الزمان، وكن يغطين شعورهن إذا دخلن إلى الكنائس، ووجوههن إذا شاركن في الجنائز حتى وقت قريب.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية